صرح وزراء إسرائيليون بالموافقة على بناء 22 مستوطنةً يهودية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وهو أكبر توسع منذ عقود.
ووفقاً لوزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فإن العديد من هذه المستوطنات قائمة بالفعل كبؤر استيطانية، شُيّدت دون تصريح حكومي، لكنها ستُشرع الآن بموجب القانون الإسرائيلي.
وينظر إلى المستوطنات - على نطاق واسع على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، رغم أن إسرائيل تُعارض ذلك، وتعد من أكثر القضايا إثارة للجدل بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال كاتس إن هذه الخطوة "تمنع قيام دولة فلسطينية من شأنها أن تُعرّض إسرائيل للخطر"، بينما وصفتها الرئاسة الفلسطينية بأنها "تصعيد خطير".
"الخطوة الأوسع من نوعها"
وصفت منظمة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان هذه الخطوة بأنها "الخطوة الأوسع من نوعها" منذ أكثر من 30 عاماً وحذرت من أنها "ستؤدي إلى إعادة تشكيل الضفة الغربية بشكل كبير، وترسيخ الاحتلال بشكل أكبر".
من جانبه قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الوزير مؤيد شعبان، إن إعلان إسرائيل تحويل 22 موقعاً وبؤرة استيطانية إلى مستوطنات قائمة يُشكّل تحدياً مباشراً ليس فقط للشعب الفلسطيني، بل أيضاً للمجتمع الدولي بأسره، الذي يدين الاستيطان ويرفض الاعتراف بفرض الأمر الواقع الإسرائيلي على الأرض.
وأوضح شعبان أن المواقع الجديدة تتوزع على النحو الآتي: "أربع مستعمرات في محافظة رام الله، وأربع في محافظة جنين، وأربع أخرى في محافظة الخليل، بالإضافة إلى موقعين في محافظة نابلس، وموقع في سلفيت، وثلاثة مواقع في أريحا، وثلاثة في الأغوار، وآخر على أراضي القدس".
وأضاف أن أربعة من هذه المواقع مصنفة كمستوطنات كاملة ضمن قواعد بيانات الهيئة، نظراً لإقرار مخططات هيكلية لها من قبل السلطات الإسرائيلية خلال السنوات الماضية.
كما تُصنَّف ثلاثة مواقع أخرى كمواقع عسكرية، أحدها يُعد موقع مراقبة، في حين تُصنَّف ثلاثة مواقع إضافية كمواقع دينية. وتشمل القائمة أيضاً مستوطنتين أخليتا عام 2005 بموجب "قانون فك الارتباط"، قبل أن يُعدّل هذا القانون عام 2023 لإعادة الاستيطان إليهما ضمن مستوطنات شمال الضفة الغربية، فيما تُعتبر خمس مستوطنات من القائمة جديدة تماماً.
وأشار شعبان إلى أن "إسرائيل كانت في السابق تتحايل عبر الإعلان عن هذه المستعمرات كعمليات توسعة، لكنها اليوم تكشف عن وجهها الحقيقي، وتفضح كذبها المتواصل على مدار السنوات بشأن نهب الأراضي الفلسطينية والاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني ومقدراته"، وفق تصريحاته.
ودعا شعبان المجتمع الدولي إلى التدخل الجاد والحقيقي "لمعاقبة إسرائيل على انتهاكاتها، وتحديها السافر للقرارات الدولية، وآخرها الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال والاستيطان، وقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أكد عدم شرعية الاستيطان وبطلانه قانونيًا وواقعياً.
وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، صرح بأن "مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، بشكل سري، يمثل تصعيداً خطيراً وتحدياً سافراً للشرعية الدولية والقانون الدولي، ومحاولة مستمرة لجر المنطقة نحو مزيد من العنف وعدم الاستقرار".
وأوضح أبو ردينة أن "جميع الأنشطة الاستيطانية تُعد غير شرعية، وأن هذا القرار المرفوض يشكل خرقاً واضحاً لكافة قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي نص صراحة على عدم قانونية الاستيطان في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية".
وأضاف أن "على الحكومة الإسرائيلية التوقف عن السياسات التي تزعزع استقرار الضفة الغربية والمنطقة بأكملها، سواء من خلال مواصلة العمليات العسكرية في قطاع غزة أو عبر التوسع الاستيطاني والإجراءات الميدانية في الضفة الغربية".
كما أدانت وزارة الخارجيةوشؤون المغتربين الأردنية قرار إسرائيل.
وقالت في بيان صدر عنها الخميس، إنها تدين "بأشد العبارات قرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال في الضفة الغربية، بالموافقة على بناء 22 مستوطنة جديدة فيها".
واعتبرت الوزارة أن هذه الخطوة تشكل "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وإمعاناً واضحاً في التعدي على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة".
وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة "رفض المملكة المطلق وإدانتها الشديدة لهذا القرار الذي يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، وخصوصًا القرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما فيها القدس المحتلة.
وأكد أن "جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس المحتلة، غير قانونية بموجب القانون الدولي، إضافةً إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكّد على ضرورةإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعدم قانونية بناء المستوطنات الاستعمارية، وبطلان جميع إجراءات ضم الأرض الفلسطينية المحتلة، في تجاهلٍ مُتَعمَّد للمطالبات الدولية المستمرة بوقف الأنشطة الاستيطانية والانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
بنت إسرائيل نحو 160 مستوطنة تؤوي نحو 700 ألف شخص منذ احتلالها الضفة الغربية والقدس الشرقية، بحسب القانون الدولي - وهي أراضٍ يريدها الفلسطينيون جزءاً من دولتهم المستقبلية - في حرب عام 1967.
وسمحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بنمو المستوطنات. إلا أن التوسع شهد زيادة حادة منذ عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى السلطة أواخر عام 2022 على رأس ائتلاف يميني موالٍ للمستوطنين، بالإضافة إلى بدء حرب غزة، التي اندلعت إثر هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويوم الخميس، أكد يسرائيل كاتس وبتسلئيل سموتريتش - وهو زعيم قومي متطرف ومستوطن يتحكم في التخطيط في الضفة الغربية - رسمياً قراراً يُعتقد أن الحكومة اتخذته قبل أسبوعين.
وأفاد بيان بأن الوزراء وافقوا على 22 مستوطنة جديدة، و"تجديد الاستيطان في شمال السامرة [شمال الضفة الغربية]، وتعزيز المحور الشرقي لدولة إسرائيل".
وسلّط البيان الضوء على ما وصفه الوزراء بـ"العودة التاريخية" إلى حومش وسانور، وهما مستوطنتان في عمق شمال الضفة الغربية، أُخليتا بالتزامن مع سحب إسرائيل قواتها ومستوطنيها من غزة عام 2005.
وقبل عامين، أنشأت مجموعة من المستوطنين مدرسة دينية يهودية وبؤرة استيطانية غير مرخصة في حومش، التي أفادت تقارير بأنها ستكون من بين تسع مستوطنات سيتم تشريعها بموجب القانون الإسرائيلي.
ووفقاً لتلك اتقارير، سيتم بناء مستوطنة أخرى على مقربة من الجنوب على جبل عيبال، بالقرب من نابلس.
وصرح كاتس بأن القرار "خطوة استراتيجية تمنع قيام دولة فلسطينية تُعرّض إسرائيل للخطر، وتُشكّل حاجزاً في وجه أعدائنا"، وفق تصريحاته.
في العام الماضي، أصدرت المحكمة العليا للأمم المتحدة رأياً استشارياً يقضي بأن "استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني". كما ذكرت محكمة العدل الدولية أن المستوطنات الإسرائيلية "أُقيمت وتُحافظ عليها في انتهاك للقانون الدولي"، وأن على إسرائيل "إجلاء جميع المستوطنين".