حياة

 هل ترغب ببلوغ سنّ الشيخوخة بجسم سليم وعقل متّقد؟ قد تجد جزءًا من الإجابة في فنجان قهوتك؟

قالت الدكتورة سارة مهداوي، المؤلفة الرئيسية للدراسة والأستاذة المساعدة بكلية الطب وقسم علوم التغذية في جامعة تورنتو بكندا، إنّ "النساء في الخمسينيات من عمرهنّ، اللواتي يشربن بين كوب وثلاثة أكواب من القهوة التي تحتوي على الكافيين يوميًا، كنّ أكثر احتمالًا للوصول إلى سن الشيخوخة من دون الإصابة بأمراض مزمنة خطيرة، وبصحّة عقلية وبدنية ونفسية جيدة".

قام الباحثون بتحليل بيانات النظام الغذائي لأكثر من 47 ألف امرأة كنّ جزءًا من "دراسة صحة الممرًّضات"، وفق البحث الذي عرض في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للتغذية في مدينة أورلاندو، بولاية فلوريدا الأمريكية الإثنين. 

وقد قُدّمت الدراسة على شكل ملخص أولي، إذ أوضحت مهداوي أنه سيتم تقديم النسخة الكاملة والمفصلة من البحث لمراجعة الأقران في الأشهر التالية.

تم إجراء مسح على النساء في منتصف العمر وتمت متابعتهن لمدة 30 عامًا لفهم معدلات الوفاة والإصابة بالمرض لديهن.

لفتت مهداوي إلى أنه "في هذه الدراسة، وجدنا أن الاستهلاك المعتدل للقهوة التي تحتوي على الكافيين خلال منتصف العمر كان مرتبطًا بفرص عيش شيخوخة صحية أعلى بعد 30 عامًا".

هل جميع المشروبات التي تحتوي على الكافيين مفيدة؟

أوضحت النتائج أنّ التأثيرات الإيجابية لوحظت في القهوة التي تحتوي على الكافيين فقط. لم تظهر مشروبات الشاي أو القهوة منزوعة الكافيين الارتباط ذاته، بل أنّ شرب الكولا أو المشروبات الغازية الأخرى التي تحتوي على الكافيين كان مرتبطًا بانخفاض فرص الشيخوخة الصحية.

قال الدكتور ديفيد كاو، أستاذ الطب المساعد بكلية الطب في جامعة كولورادو، والاختصاصي بأمراض القلب لدى النساء لـCNN، إنّ "هذا قد يشير إلى أن القهوة تحديدًا لها تأثيرات تعزز أو تحافظ على الصحة"، مضيفًا أنه "على غرار دراسات أخرى، يبدو أنهم وجدوا أن القهوة تتمتع بفائدة خاصة تفوق غيرها من المشروبات التي تحتوي على الكافيين". 

أوضح كاو، غير المشارك في الدراسة، أنّ البحث يتمتع بجودة عالية.

وأشار أيضًا إلى أن الدراسة رصدية (قائمة على الملاحظة)، ما يعني أنها محدودة في قدرتها على إثبات العلاقة المباشرة بين السبب والنتيجة، وهذا يعني أنّ البحث الجديد يُظهر فقط وجود رابط بين سلوك معين (شرب القهوة) ونتيجة معينة (الشيخوخة الصحية)، لكن لا يمكنه إثبات أن شرب القهوة يحقق ذلك كسبب مباشر.

أوضحت مهداوي أنّ الباحثين أخذوا هذه النقطة بالاعتبار، وقاموا بتعديل النتائج بناءً على عوامل أخرى قد تربط بين شرب القهوة والشيخوخة الصحية، مثل نمط الحياة، والعوامل الديموغرافية، والاختلافات في النظام الغذائي، لكن يمكن أن يكون هناك متغير آخر غير محسوب يؤثر في الارتباط.

أضاف كاو أنّ الارتباط بين القهوة والشيخوخة الصحية ليس مفاجئًا، فهو يتماشى مع أبحاث سبق وأظهرت أنّ شرب القهوة بشكل معتدل ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والأوعية الدموية.

هل حان الوقت لبدء شرب القهوة؟

هل يعني هذا أنه ينبغي عليك البدء بشرب القهوة، إذا لم تفعل بعد؟ أجابت مهداوي أن هذا الأمر ليس ضروريًا. 

لا تُوصي الدراسة الجميع ببدء عادة شرب القهوة، لكنها أشارت إلى أن الاستهلاك المعتدل قد يكون جزءًا مفيدًا من نمط حياة صحي لمن يشربونها.

أوضحت مهداوي لـCNN أنّ "القهوة قد تدعم طول العمر، لكنّها ليست وصفة عامة تناسب الجميع، خصوصًا النساء، فالتغيرات الهرمونية تؤثر على كيفية استقلاب الكافيين في الجسم، لذلك تعتمد الفوائد على التوقيت، والبيولوجيا، والصحة الفردية".

وأشارت إلى أن هرمون الإستروجين يثبط إنزيمًا في الكبد ضروريًا لتفكيك الكافيين، ما يعني أن الكافيين قد يبقى في جسم بعض الأشخاص لفترة أطول، خصوصًا لدى النساء اللواتي يمررن بفترات انتقال هرمونية مثل سن اليأس أو الحمل، أو اللواتي يستخدمن وسائل منع الحمل الفموية.

وأضافت أن الدراسة تناولت مرحلة منتصف العمر، وهي فترة تتسم بتغيرات هرمونية وأيضية لدى النساء.

قالت مهداوي: "الاستهلاك المعتدل للقهوة التي تحتوي على الكافيين، عادة بين كوب وثلاثة أكواب يوميًا، يمكن أن يكون جزءًا من نظام غذائي صحي للكثير من البالغين". 

لكنها استدركت أنه "لا ينبغي اعتبار هذه توصية عامة للجميع لبدء أو زيادة تناول القهوة بهدف إطالة العمر". 

اعتبر كاو أن "هذه البيانات لا تتيح لنا معرفة ما إذا كانت زيادة استهلاك القهوة يساعد في الحفاظ على الصحة. بعبارة أخرى، رغم أن النساء اللواتي يشربن ثلاثة أكواب من القهوة يوميًا قد يتمتعن بوظائف صحية أفضل على المدى الطويل مقارنة بمن لا يشربن القهوة، لكننا لا نعلم إذا ما كان سيكون الأداء الصحي لمن بدأن للتو بشرب ثلاثة أكواب يوميًا، أفضل مما لو استمررن بعدم شرب القهوة". 

من يحتاج إلى مراقبة كمية القهوة التي يتناولها؟

أضاف كاو أنّ النتائج أظهرت أنّ الأشخاص لا يحتاجون بالضرورة إلى تقليل استهلاك القهوة من أجل التقدم في العمر بصحة جيدة، موضحًا أنّ "القهوة جزء مهم وإيجابي من الحياة اليومية في العديد من الثقافات حول العالم. وبالنسبة لكثيرين، فإن معرفة أن شرب كوب أو ثلاثة يوميًا، غير ضارّ أمر مرحب به على الأرجح". 

خلصت مهداوي إلى أنه"رغم أن القهوة قد تكون جزءًا ممتعًا من الحفاظ على الصحة الجيدة، إلا أنها لا تغني عن سلوكيات صحية أخرى مثل تناول الطعام المغذي، وممارسة الرياضة، والحصول على نوم جيد".