أكدت وزارة الداخلية العراقية أن الحريق الذي اندلع مساء أمس داخل مبنى تجاري مؤلف من خمسة طوابق وسط مدينة الكوت، أودى بحياة 61 شخصاً، من بينهم 14 جثة متفحمة لم يُتَعرَّف على هوياتها حتى الآن، وأن معظم الضحايا قضوا اختناقاً نتيجة الدخان.
وأضافت الوزارة في بيان، أن المبنى الذي يضم مطعماً ومركز تسوق، لم يَمضِ على افتتاحه سوى سبعة أيام، مشيرة إلى أن فرق الدفاع المدني تمكنت من إنقاذ أكثر من 45 شخصاً كانوا عالقين داخل المبنى.
وأوضحت الداخلية أنها شكلت لجنة تحقيق عليا، للتحقيق في أسباب الحريق وتحديد مواقع الخلل والمسؤوليات بدقة وشفافية، مؤكدة أنها لن تتهاون في محاسبة أي جهة يثبت تقصيرها أو مسؤوليتها، ومشددة على التزامها بالحق والعدالة وسلامة المواطنين.
واختتم البيان بالتأكيد على أن نتائج التحقيقات الفنية ستُعلن فور اكتمالها، التزاماً بمبدأ الشفافية أمام الرأي العام.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية بأن محافظ واسط، محمد جميل المياحي، أعلن اليوم الخميس الحداد لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الحريق الذي اندلع في مجمع "الهايبر ماركت" وسط مدينة الكوت، وأسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا.
وقال المياحي في بيان تلقته الوكالة: "إلى أهلي في مدينة الكوت ومحافظة واسط عامة، ننعى إليكم نخبة من أبنائنا وبناتنا. إننا لن نتهاون مع من كانوا سبباً مباشراً أو غير مباشر في هذه الحادثة التي لا تخلوا من ملابسات"، مضيفاً: "سنُعلن للرأي العام خلال 48 ساعة نتائج التحقيق الأولية".
وتابع بالقول "أقمنا دعاوى قضائية على صاحب البناية وصاحب المول وكل من له علاقة بذلك"، بحسب ما نقلته الوكالة.
وقال حبيب بدري، رئيس اللّجنة الأمنية في محافظة واسط، لبي بي سي، إن ذوي بعض المفقودين ما زالوا ينتظرون معرفة مصيرهم، حيث تستمر عمليات البحث والتحري بسبب "حجم الحريق الكبير الذي قد يكون أدى إلى احتراق بعض الجثث بالكامل"، على حد تعبيره.
وأوضح بدري أن البناية تعود لمالك خاص، ولا تدخل ضمن مشاريع استثمار المحافظة. وأضاف أن معظم الموجودين تم إنقاذهم من قِبل رجال الدفاع المدني، إلا أن البناية كانت تفتقر لأدنى مقومات السلامة، من بينها غياب سلالم الطوارئ، ما فاقم من خطورة الوضع.
حيث أعلنت السلطات في شرق العراق عزمها اتخاذ إجراءات قانونية بحق مالكي المركز التجاري. وأشارمسؤولون إلى أن عدداً من الضحايا قضوا اختناقاً داخل دورات المياه، فيما أظهرت مشاهد مصورة أشخاصاً عالقين على سطح المبنى وهم يطلبون النجدة.
وقد اندلع الحريق في وقت متأخر من مساء الأربعاء، ويُعتقد أنه بدأ في الطابق الأول قبل أن يلتهم "هايبر مول" بالكامل بسرعة. فيما لم يُعرف سبب الحريق على الفور، لكن أحد الناجين قال لوكالة فرانس برس إن مكيف هواء قد انفجر.
وكان قد صرّح مصدر طبي لوكالة فرانس برس في وقت سابق: "لدينا أكثر من 50 شهيداً، والعديد من الجثث غير المعروفة الهوية". كما أفاد مسؤول في دائرة صحة محافظة واسط أن عدد الضحايا بلغ 55 قتيلاً، مضيفاً أن فرق الإنقاذ ما زالت تبحث عن مفقودين.
وكانت سيارات الإسعاف لا تزال تنقل الضحايا إلى المستشفيات حتى الساعة الرابعة صباحاً، وقد امتلأت أجنحة مستشفى في الكوت، الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً جنوب شرق بغداد.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بأن المركز التجاري لم يكن قد افتُتح إلا قبل خمسة أيام فقط، وقال إنه شاهد جثثاً متفحمة في المستشفى، وقد تمت السيطرة على الحريق، لكن فرق الإطفاء ما زالت تواصل البحث عن مفقودين.
أشارت الوكالة إلى أن مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر أقارب الضحايا في حالة من الذهول وهم ينتظرون بفارغ الصبر في المستشفى، حيث انهار بعضهم تحت وطأة الحزن الشديد.
قال ناصر القريشي، طبيب في الخمسين من عمره، لوكالة الأنباء إنه فقد خمسة من أفراد أسرته جرّاء الحريق. وأضاف: "لقد حلّت بنا كارثة، ذهبنا إلى المول لتناول الطعام والعشاء هرباً من انقطاع الكهرباء في المنزل".
وتابع: "انفجر مكيف في الطابق الثاني، ثم اندلع الحريق ولم نستطع الهرب".
وأعلن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي، في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية، أن "رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وجّه وزير الداخلية بالتواجد الميداني في موقع حادث الحريق المؤسف في مدينة الكوت، والتحقيق الفوري في الأسباب والظروف المحيطة، وإجراء تحقيق فني دقيق لكشف أوجه التقصير، واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات صارمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث".
وأضافت الوكالة أن السوداني، في إطار متابعته المستمرة لتداعيات هذا الحادث المؤلم، وجّه بإرسال فريق طبي مجهّز بالكامل لدعم جهود إسعاف المصابين وعلاجهم، معبراً عن خالص تعازيه لأسر الضحايا وتضامنه العميق معهم.