• الساعة الآن 10:47 PM
  • 16℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

جماعات مسلحة مناهضة لحماس تصعّد نشاطها في في غزة

news-details

 

 

قالت جماعات مسلحة تعمل في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة إنها تعتزم مواصلة القتال ضد حركة حماس رغم مقتل أبرز قادتها مؤخرا (ياسر أبو شباب)، مؤكدة أنها كثفت عمليات التجنيد منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأنها تطمح للعب دور في صياغة مستقبل القطاع.

ورغم أن هذه الجماعات لا تزال محدودة الحجم والنفوذ وتتمركز في بقع جغرافية ضيقة، إلا أن ظهورها يشكل عامل ضغط إضافي على حماس، ويهدد بتعقيد الجهود الرامية إلى استقرار قطاع غزة وتوحيد إدارته بعد حرب استمرت عامين وخلّفت دمارا واسعا وانقساماً عميقاً في النسيج المجتمعي.

 

صعود جماعات مناهضة لحماس 

وأقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في يونيو/حزيران بدعم جماعات مناهضة لحماس، قائلا إن إسرائيل "نشّطت" بعض التشكيلات المرتبطة بالعشائر، رغم أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم منذ ذلك الحين تفاصيل تذكر عن طبيعة هذا الدعم أو حجمه.

وفي الأسبوع الماضي، قُتل ياسر أبو شباب، الذي كان يُنظر إليه باعتباره محور جهود تشكيل قوات مناوئة لحماس، في منطقة رفح جنوب غزة. وأعلنت جماعة "القوات الشعبية" التي كان يقودها أنه قُتل أثناء محاولته التوسط لحل نزاع عائلي، من دون الكشف عن هوية من قتله، بينما تولى نائبه غسان الدهيني القيادة متعهداً بمواصلة نفس النهج.

وترفض حماس، التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، حتى الآن نزع سلاحها بموجب خطة وقف إطلاق النار، وتصف خصومها المسلحين بأنهم "عملاء" للاحتلال، وهو توصيف يقول محللون فلسطينيون إنه يحظى بقبول شعبي واسع. وقد سارعت الحركة، عقب دخول الهدنة المدعومة أمريكياً حيز التنفيذ، إلى ملاحقة من تَعتبر أنهم تحدوا سيطرتها، ما أدى إلى مقتل العشرات، بينهم أشخاص اتهمتهم بالتعاون الأمني مع إسرائيل.

ويعيش نحو مليوني فلسطيني تقريبا في المناطق الخاضعة لسيطرة حماس، حيث تعمل الحركة على إعادة ترسيخ قبضتها الأمنية والعسكرية، بينما تقول أربعة مصادر من داخل الحركة إنها لا تزال تحتفظ بآلاف المقاتلين رغم الخسائر التي تكبدتها في الحرب.

في المقابل، تسيطر إسرائيل على أكثر من نصف مساحة القطاع، وهي مناطق تتحرك فيها الجماعات المناهضة لحماس خارج نطاق سلطة الحركة. ومع بطء تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بغزة، لا تلوح في الأفق مؤشرات على انسحاب إسرائيلي إضافي في المدى القريب.

وتقول ثلاثة مصادر أمنية وعسكرية مصرية إن الجماعات المدعومة من إسرائيل كثفت نشاطها منذ وقف إطلاق النار، وقدّرت عدد عناصرها بنحو ألف مسلح، بزيادة تقارب 400 عن بداية الهدنة. وتلعب القاهرة دورا مركزيا في مفاوضات إنهاء الصراع، غير أن هذه المصادر تتوقع تصعيدا في أنشطة هذه الجماعات في غياب تسوية شاملة لمستقبل القطاع.

استعراض قوة وتصفية حسابات 

قال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته إن الجماعات المناهضة لحماس تفتقر إلى قاعدة شعبية حقيقية، لكنه اعتبر أن وجودها يثير مخاوف بشأن استقرار غزة ويزيد احتمالات اندلاع صراع داخلي بين الفلسطينيين.

ومنذ مقتل أبو شباب، نشرت الجماعة التي كان يقودها، إلى جانب جماعتين أخريين، مقاطع فيديو تُظهر تجمع العشرات من المسلحين، مع تسجيلات صوتية لقياداتهم تنعاه "شهيدا" وتتعهد بمواصلة طريقه.

ويظهر أحد هذه المقاطع، الذي نُشر في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول، الدهيني وهو يخاطب المسلحين قائلاً إن وفاة أبو شباب "مصاب جلل"، متعهداً بأنهم "سيستمرون بنفس الطريقة ويتحركون بقوة أكبر".

وتحققت رويترز من أن موقع تصوير الفيديو يقع في محافظة رفح، وهي منطقة لا تزال القوات الإسرائيلية منتشرة فيها، من خلال تحليل معالم المكان من مبانٍ وجدران وأشجار، ومقارنتها بصور أرشيفية وبيانات أقمار اصطناعية.

وفي السابع من ديسمبر/كانون الأول، أعلن الدهيني إعدام رجلين في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني قال إنهما من مسلحي حماس، متهما إياهما بقتل أحد عناصر "القوات الشعبية". ورد مسؤول أمني في تحالف الفصائل المسلحة بقيادة حماس في غزة بالقول إن قتل "عميل" واستعراض صوره ما هو إلا "نصر وهمي" لن يغيّر شيئاً في "الحقائق الراسخة على الأرض".

وقال حسام الأسطل، زعيم جماعة أخرى مناهضة لحماس تتمركز في خان يونس، إنه اتفق مع الدهيني على "مواصلة الحرب على الإرهاب" خلال زيارة لقبر أبو شباب في رفح، مضيفاً أن "مشروع غزة الجديدة سيستمر".

وفي اتصال هاتفي آخر مع رويترز في أواخر نوفمبر، قال الأسطل إن جماعته تلقت أسلحة وأموالاً وأشكالاً أخرى من الدعم من "أصدقاء" دوليين لم يسمّهم، نافيا تلقي دعم عسكري مباشر من إسرائيل، لكنه أقر بوجود اتصالات معها "لتنسيق إدخال الطعام وكل الإمكانات التي نعتاش منها".

وأوضح الأسطل أنه يتحدث من داخل الجزء الخاضع للسيطرة الإسرائيلية قرب "الخط الأصفر" الذي انسحبت القوات الإسرائيلية خلفه، مضيفاً أن جماعته ضمت عناصر جديدة منذ الهدنة، وبات عدد أعضائها يبلغ عدة مئات، بين مسلحين ومدنيين. كما قال مصدر مقرّب من "القوات الشعبية" إن هذه الجماعة شهدت زيادة كبيرة في عدد عناصرها، من دون تقديم رقم محدد.

مستقبل غزة وخطط إعادة الإعمار 

تقول إسرائيل إن هدفها يتمثل في ضمان نزع سلاح حماس، التي أشعلت شرارة الحرب بهجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنعها من لعب أي دور مستقبلي في حكم غزة. ورداً على طلب للتعليق، قال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية إن "كثيرا من الفلسطينيين يرغبون ويقاتلون بالفعل للتخلص من قمع حماس واستبدادها".

لم ترد "القوات الشعبية" على طلبات للتعليق أُرسلت عبر صفحتها على فيس بوك، وكانت قد نفت في السابق تلقيها أي دعم إسرائيلي. من جهتها، قالت حماس إن مقتل أبو شباب "هو المصير الحتمي لكل من خان شعبه ووطنه ورضي أن يكون أداة في يد الاحتلال"، لكنها نفت أي دور لها في عملية قتله. واعتبر مسؤول أمني في التحالف الذي تقوده حماس أن تهديدات هذه الجماعات لا تعدو كونها "حرباً نفسية" تديرها إسرائيل بهدف "زعزعة الجبهة الداخلية".

وقال حازم قاسم، المتحدث باسم حماس، إن الأجهزة الأمنية التابعة للحركة ستواصل ملاحقة المتعاونين "حتى الانتهاء من هذه الظاهرة"، موضحاً في تصريحات سابقة لرويترز أن الجيش الإسرائيلي يوفر الحماية لهذه الجماعات في المناطق التي يسيطر عليها، مما يصعّب مهمة الأجهزة الأمنية وقوى المقاومة، لكنه شدد على أن ملاحقتهم "ستظل مشروعة وموجودة حتى الانتهاء من هذه الحالة المعزولة وطنياً وشعبياً".

خطة ترامب لنزع سلاح حماس 

إلى جانب نزع سلاح حماس، تتضمن خطة ترامب إنشاء سلطة انتقالية في غزة، ونشر قوة متعددة الجنسيات، والشروع في برنامج واسع لإعادة الإعمار. لكن غياب الوضوح بشأن خطوات التنفيذ المقبلة يثير مخاوف من تقسيم فعلي للقطاع بين منطقة داخلية قليلة السكان تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة، ومنطقة ساحلية مكتظة بالنازحين يغلب عليها الدمار.

وخلال جولة في غزة الأحد، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال إيال زامير، إن إسرائيل "تسيطر على أجزاء واسعة من قطاع غزة وسنبقى على خطوط الدفاع تلك"، موضحا أن "الخط الأصفر" يشكل حداً جديداً يمثل خط دفاع أمامياً للتجمعات السكنية الإسرائيلية وخطاً للعمليات العسكرية.

وتشير أهداف الجماعات المناهضة لحماس إلى السعي لإقامة مناطق آمنة للنازحين داخل غزة. ففي أكتوبر/ تشرين الأول، قال نائب الرئيس الأمريكي جي.دي فانس وصهر ترامب جاريد كوشنر إن أموال إعادة الإعمار يمكن أن تتدفق إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية من دون انتظار بدء المرحلة التالية من الخطة، بغرض إنشاء "مناطق نموذجية" يعيش فيها سكان غزة.

وبحسب اثنين من المسؤولين الإسرائيليين وثلاثة دبلوماسيين غربيين مشاركين في التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، تُعد رفح واحدة من أولى المواقع المرشحة لإقامة مجمعات سكنية تصفها الوثائق بأنها "تجمعات آمنة بديلة"، رغم عدم تحديد جدول زمني واضح. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تعمل مع شركائها "لتوفير السكن والخدمات الأخرى لسكان غزة في أسرع وقت ممكن"، بينما أكد مسؤول أمريكي آخر أن الولايات المتحدة لم تُجر أي اتصال رسمي مع الجماعات المناهضة لحماس ولا تقدم لها أي تمويل أو دعم، مضيفا: "باستثناء استبعاد دور حماس، سيكون الأمر متروكا لسكان غزة أنفسهم لتحديد من يحكمهم".

شعبية حماس وحدود خصومها 

قال شهود إن بعض الفلسطينيين في مدينة خان يونس المجاورة احتفلوا بنبأ مقتل أبو شباب عبر توزيع الحلوى. ويرى غسان الخطيب، المحاضر في الدراسات الدولية بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية، أنه رغم تراجع شعبية حماس بسبب كلفة الحرب، فإن الجماعات المناهضة لها لا تملك مستقبلا سياسيا لأنها تُعد في نظر غالبية الفلسطينيين مجرد أدوات في يد إسرائيل. وأضاف أن "إسرائيل تستخدمها لأسباب تكتيكية فقط، خصوصاً لمحاولة زعزعة سيطرة حماس".

من جانبها، قالت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي أُبعدت عن غزة منذ سيطرة حماس عليها، إنها ترفض أي جماعات مسلحة مدعومة من إسرائيل، مؤكدة أن هذه التشكيلات "لا تمت بصلة لشعبنا ومؤسساتنا الوطنية الفلسطينية، لا من قريب ولا من بعيد".

 

 

شارك الخبر: