• الساعة الآن 10:47 PM
  • 16℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

انقسام حزب "الإخوان" في الأردن حول مواجهة سيناريوهات الحل

news-details

عاد ملف حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لـ "جماعة الإخوان" إلى الواجهة بوصفه أحد أعقد القضايا التي تختبر توازن الدولة الأردنية بين مقتضيات القانون ومتطلبات الاستقرار السياسي.

وعلى رغم أن النقاش العام في الأردن منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تصنيف "الإخوان" منظمة إرهابية، يميل نحو الحلول القانونية أو التعديلات الدستورية، طفت إلى السطح متغيرات تتحدث عن انقسام داخلي في حزب جبهة العمل الإسلامي حيال طريقة التعاطي مع الفترة المقبلة، ما بين تيار متشدد يرفض التحلل من الإرث "الإخواني"، وتيار شبابي إصلاحي بدأ يغازل الحكومة ويدعو لإعادة هندسة الحزب للنجاة من قرار ترمب الأخير.

ثورة داخلية

تؤكد مصادر قريبة من حزب جبهة العمل الإسلامي أن الانقسام جاء على خلفية تحول لافت لمواقف بعض أعضاء الحزب تجاه الحكومة وبشكل خاص من قبل بعض نواب الحزب في البرلمان.

وفي التفاصيل فإن بعض النواب في كتلة الحزب البرلمانية، وبعض أعضاء الحزب يرون ضرورة تغيير لغة الخطاب مع الحكومة إلى نبرة أكثر تقارباً وتصالحاً، وانكفاء الحزب على الهم الأردني الداخلي والابتعاد ما أمكن عن تبني قضايا خارجية، والانحناء لعاصفة ترمب المقبلة والتي من شأنها أن تسبب حرجاً للأردن الرسمي الذي لم يعد قادراً على تحمل كلفة بقائه بالصيغة الحالية، خصوصاً بعد تحوّل الملف إلى قضية إقليمية مرتبطة بتصنيفات الإرهاب دولياً.

 

ووجه هؤلاء نقداً مباشراً للحزب، عبر وضعه في خانة "المقصر سياسياً" لأنه لم يدرك أن ملفه أصبح دولياً بعد حظر الجماعة محلياً وتصنيفها إرهابية خارجياً. بل إن البعض الآخر يحاول الضغط على قياداته ملوحاً بعضويته في المجلس النيابي.

لكن أعضاء آخرين في الحزب، وفق مراقبين، يصرون على تبني خطاب صدامي، ويتصرفون وكأن أزمة الدولة مع الإخوان موقتة من دون تقديم أي تنازلات جوهرية، وصولاً إلى تسوية سياسية تحفظ مصلحة الجميع قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة.

في حين أن مصادر في الحزب تحدثت إلى "اندبندنت عربية" نفت الحديث عن انقسام حزبي وقالت إن الأمر لا يعدو كونه اختلافاً في الآراء حول الطريقة الأمثل للتعامل مع الأزمة. وقالت إن المطلوب من الحزب إعادة الهيكلة طوعاً، وقطع الارتباطات القديمة، والاندماج في الحياة السياسية بهوية وطنية خالصة.

تضيف هذه المصادر "ثمة سيناريوهات مطروحة أقربها حالياً حل الحزب قانونياً عبر بنود مخالفة لقانون الأحزاب، والارتباط بجماعة محظورة، ووجود تمويل داخلي وخارجي للحزب، بخاصة إذا لم يقدم الحزب أي خطوة جذرية خلال الأشهر والأسابيع المقبلة".

إلا أن السيناريو الثاني يشير إلى إمكانية إعادة تشكيل الحزب بالكامل بشروط الدولة عبر تغيير الاسم وإنهاء العلاقة تماماً مع "الإخوان" ورموزهم، والزج بقيادات جديدة معتدلة. بينما يبرز سيناريو التهدئة الموقتة بشكل أضعف في حال ظهرت أولويات أهم على الطاولة.

هل يتحرك العقلاء؟

يطالب الكاتب والمحلل السياسي حسن الرواشدة "العقلاء" بالتحرك في أزمة التعامل مع ملف حزب جبهة العمل الإسلامي والتوافق على وصفة سياسية، بعد تنامي الحديث عن السيناريوهات المقبلة والتي تجمع على اتخاذ إجراء ما ضد الحزب، ويضيف الرواشدة "الأردن طرف في قضية تصنيف ترمب للإخوان، ما يعني أن هذا الملف لم يعد محلياً فقط، ولا تستطيع الدولة أن تتعامل معه بمعزل عن تداعياته واستحقاقاته المتوقعة، كذلك لا تستطيع أن تتحمل كلفته السياسية وسط حالة من التوافق الدولي والإقليمي عليه"، كما يراهن على وجود "عقلاء" في الحزب يمكن أن يفهموا الرسالة ويتعاملوا معها بمنطق وطني قبل فوات الأوان، لأن اختبار صبر الدولة والاستقواء عليها خيار خاطئ، ويؤكد أن الحزب ما زال يمارس الأخطاء نفسها ولم يقدم مبادرات أو خطوات إيجابية ولم يخرج بعد من عباءة الجماعة المحظورة، بل لا يزال في دائرة الإنكار، وقام بإقصاء التيار الشبابي الذي يطالب بالإصلاح.

ومن بين الداعين لنأي الحزب بنفسه عن جماعة "الإخوان" عضو مجلس الأعيان ووزير الشؤون السياسية السابق خالد الكلالدة، الذي قال إنه يتوجب على حزب جبهة العمل فصل العلاقة مع جماعة الإخوان المحظورة لأن ما سيقع عليها سيتأثر به الحزب، مضيفاً أن "الدولة احتضنت الإخوان عندما كانوا مطاردين في دول أخرى وقدمت لهم الحماية"، وأضاف الكلالدة "من المعلوم في الأردن أن جبهة العمل الإسلامي هي الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وبالتالي هذه العلاقة ستتأثر بها سلباً أو إيجاباً".

رهان خاسر

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان إن الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي دونالد ترمب، يأتي على ذكر الأردن حين يشير إلى ما يقول إنه دعم مادي طويل الأجل قدمه قادة "الإخوان" في الأردن للجناح العسكري لحركة "حماس"، ويوضح أن الأوضاع القانونية التي يمكن أن تنشأ بناء على الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي ستطاول الأردن بالنظر إلى تأثير ونفوذ الولايات المتحدة وتحكمها بالنظام المصرفي العالمي، لكن التحدي بالنسبة للأردن وفق الخيطان يكمن في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي ظل لعقود سابقة يعرف نفسه كذراع سياسية لجماعة "الإخوان"، فالوضع القانوني للحزب يواجه إشكالاً كبيراً ويحمل في طياته الكثير من الأخطار، بخاصة أنه ممثل في مجلس النواب بكتلة وازنة العدد.

ويرى الخيطان أن الحزب أخفق في إعادة تعريف نفسه، بعد قرار القضاء الأردني حظر الجماعة، وأنه راهن على الاعتبارات السياسية، وفضل البقاء في حاضنة الجماعة، وتصرف في السنتين الأخيرتين كممثل لحركة "حماس" في الشارع الأردني.

ويكشف الخبير الدستوري نواف العجارمة عن أن خيار حل مجلس النواب إذا ما تم، لا علاقة له بأي تداعيات تمس الحزب لأنه قرار سيادي يتخذه رأس الدولة، ويعتمد في لحظات سياسية مفصلية، على سبيل تعقيدات العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويضيف العجارمة "حسم الموقف من الحزب لا يتم إلا بعد صدور أحكام قضائية نهائية، قد تشكل حال ثبوت وجود صلة تنظيمية بين الحزب والجماعة منطلقاً قانونياً للنظر في مدى مخالفته لأحكام قانون الأحزاب وعبر درجات تقاضٍ متعددة، وفي حال دين الحزب وتم إصدار حكم نهائي بحله، فإن القوائم الحزبية التابعة له في البرلمان تلغى"، ووفق هذه المواقف يبدو واضحاً أن ملف حزب جبهة العمل الإسلامي تتسارع فيه الإجراءات نحو "الحسم"، بخاصة أن الحكومة الأردنية تمتلك القدرة والمشروعية القانونية للتحرك، بينما يفشل الحزب في قراءة التحولات الإقليمية والدولية.

شارك الخبر: