أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السبت في بغداد، انتهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بعد 22 عاماً على إنشائها، معتبراً أن البلاد دخلت مرحلة جديدة من الاستقرار باتت معها "دولة طبيعية" في تعاملها مع المنظمة الدولية.
وجاء قرار إغلاق البعثة بناءً على طلب رسمي من الحكومة العراقية، بعد أكثر من عقدين من الدعم والمشورة خلال فترة التحول السياسي التي أعقبت الغزو والاحتلال الأمريكي عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين.
وقال غوتيريش خلال مراسم اختتام عمل يونامي إنه "تشرّف" بعمل البعثة "جنباً إلى جنب مع الشعب العراقي"، مؤكداً أن إنهاء مهمة البعثة السياسية لا يعني انتهاء حضور الأمم المتحدة في العراق، بل انتقاله إلى أشكال جديدة من التعاون في مجالات السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
دور يونامي منذ 2003 وتطور تفويضها
أُنشئت بعثة يونامي بقرار من مجلس الأمن عام 2003، بناءً على طلب من السلطات العراقية، لتقديم الدعم في إدارة المرحلة الانتقالية بعد تغيير النظام السياسي، قبل أن يُوسَّع تفويضها عام 2007 ليتضمن مهاماً أوسع في مجالات المصالحة الوطنية، وتنظيم الانتخابات، ودعم إصلاح القطاع الأمني، وتعزيز الحوار بين العراق ودول الجوار.
ومنذ ذلك الحين، جرى تجديد ولايتها سنوياً حتى قرر المجلس في 2024 منحها تمديداً نهائياً ينتهي في 31 ديسمبر 2025.
بعد فترة وجيزة من تأسيس البعثة، تعرض مقر الأمم المتحدة في بغداد، في فندق القناة، لهجوم انتحاري بشاحنة مفخخة في 19 آب/أغسطس 2003، أسفر عن مقتل الممثل الخاص للأمين العام سيرجيو فييرا دي ميللو و21 شخصاً آخرين، ليصبح هذا التاريخ لاحقاً رمزاً لضحايا العمل الإنساني ومعتمداً كيوم عالمي للعمل الإنساني.
من بعثة سياسية إلى شراكة تنموية "طبيعية"
خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في بغداد، قال غوتيريس إن "العراق اليوم دولة طبيعية، ومع انتهاء مهمة يونامي ستصبح العلاقات بين الأمم المتحدة والعراق علاقات طبيعية كالتي تربط المنظمة بدول أخرى"، مشيداً بالدور الذي لعبته البعثة في مرافقة البلاد خلال مراحل العنف الطائفي وصعود تنظيم "داعش" ثم هزيمته.
السوداني من جهته أكد أن إنهاء مهمة يونامي "لا يعني نهاية الشراكة" مع الأمم المتحدة، بل يمثّل "بداية فصل جديد" يتركز على التنمية والنمو الاقتصادي الشامل وتقديم المشورة الفنية، موضحاً أن وكالات وبرامج الأمم المتحدة المتخصصة ستواصل عملها في مجالات مثل التعليم والصحة والمناخ وبناء القدرات المؤسسية.
طلب عراقي لإنهاء المهمة واستعادة "الكامل للسيادة"
كانت الحكومة العراقية قد راسلت الأمين العام ومجلس الأمن في مايو/أيار 2024 لطلب إنهاء ولاية يونامي بحلول نهاية 2025، مؤكدة أن تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية وتقدم مؤسسات الدولة يعني أن البعثة "استوفت أهدافها" ولم تعد ضرورية بالشكل السابق.
واستجاب المجلس للطلب عبر قرار أجمع عليه الأعضاء، قضى بتمديد أخير للبعثة لمدة 19 شهراً ثم تصفية عملياتها الإدارية.
ترى الحكومة في هذه الخطوة تتويجاً لمسار استعادة السيادة بعد سنوات من الوجود الدولي الكثيف، فيما يشير محللون إلى أنها تأتي أيضاً في سياق توجه أوسع لدى عدد من الدول لإنهاء أو تعديل شكل بعثات الأمم المتحدة السياسية وحفظ السلام على أراضيها، مع التحول نحو نماذج تعاون أكثر تحديداً على الصعيدين التنموي والفني.