• الساعة الآن 05:37 PM
  • 18℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

السودان: المسيرات تكثف هجماتها على كردفان وتعزيزات ضخمة تصل إلى جبهات القتال

news-details

تصاعدت حدة المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في إقليم كردفان بصورة غير مسبوقة، حيث تبادل الطرفان أمس الإثنين عمليات القصف الجوي بالمسيرات في عدد من المناطق بولايات كردفان الثلاث، شمال وجنوب وغرب، في وقت دفعا فيه بتعزيزات وحشود عسكرية كبيرة، بخاصة في شمال كردفان.

وبحسب مصادر عسكرية فإن طيران الجيش شن غارات جوية على مواقع وتجمعات "الدعم السريع" في ولاية شمال كردفان، وتحديداً في مناطق بارا، وغرب الأبيض، وشرق جبرة الشيخ بشمال كردفان، والخوي، وأبو زبد، والنهود بغرب كردفان، حيث تتمركز الأخيرة في تلك المناطق منذ أشهر، مما أدى إلى تدمير عدد من المركبات القتالية بكامل تسليحها، فضلاً عن مقتل وإصابة عشرات العناصر من تلك القوات.

ولفتت المصادر إلى أن "الدعم السريع" عززت مواقعها في مناطق شمال كردفان بقوات عسكرية كبيرة، معظمها وصلت من غرب كردفان ودارفور، استعداداً لخوض معارك فاصلة خلال الأيام القادمة، بينما دفع الجيش من جانبه بتعزيزات ضخمة في مناطق سيطرته بولاية شمال كردفان بهدف التقدم نحو مدينة بارا تمهيداً لاستعادتها من قبضة "الدعم السريع"، مما يعد تصعيداً استراتيجياً في مسار الصراع بين القوتين.

وتسعى "الدعم السريع" من خلال هذه الحشود الجديدة، وفقاً لمراقبين، إلى تطويق أو السيطرة الكاملة على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، التي تعد نقطة استراتيجية حاسمة باعتبارها خط الدفاع الأهم للجيش عن وسط البلاد، فضلاً عن كونها ممراً لوجيستياً حيوياً يربط الغرب والجنوب بالعاصمة الخرطوم. بيدَ يقوم الجيش بتعزيز مواقعه الدفاعية حول هذه المدينة، مع استمرار تبادل الهجمات بطائرات المسيرات من الجانبين.

هجمات جنوب كردفان

وتعرضت، وفقاً لتلك المصادر، مدينة الدلنج الواقعة في ولاية جنوب كردفان، لليوم الثاني على التوالي، لهجمات جوية نفذتها طائرات مسيرة تابعة لقوات "الدعم السريع" والحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين. كذلك استهدفت المسيرات ذاتها الفرقة العاشرة مشاة بأبو جبيهة، بجنوب كردفان، التابعة للجيش، إضافة إلى تواصل القصف على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تعاني من حصار خانق وحالة من الخوف والذعر وسط المواطنين، في أعقاب سيطرة قوات تحالف السودان التأسيسي "تأسيس" على منطقة كيقا الخيل، التي تعد خط الدفاع الأمامي للفرقة 14 مشاة بكادوقلي.

وأفاد مواطنون بأن هذه التطورات دفعت آلاف المواطنين في كادوقلي إلى محاولة مغادرة المدينة خوفاً من اندلاع مواجهات عسكرية وشيكة، على الرغم من عدم ضمان أمان الطرق، حيث توجد ثلاثة مسارات للخروج من المدينة، منها طريقان يمران بمناطق خاضعة لسيطرة الحركة الشعبية - شمال، والثالث باتجاه مدينة الدلنج.

وتعاني كادوقلي منذ اندلاع الحرب أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد وأزمة اقتصادية خانقة، فضلاً عن عزلة شبه كاملة بعد إغلاق الطريق القومي بواسطة قوات "الدعم السريع" في منطقة الدبيبات، وتوقف خط النقل البديل عبر غرب كردفان.

وكان تحالف قوى جبال النوبة المدنية أعلن أخيراً عن إجراء مشاورات واسعة مع قيادات سياسية ومجتمعية وعسكرية من أبناء المنطقة داخل البلاد وخارجها، بهدف احتواء الوضع ومنع اندلاع المواجهات داخل المدن.

في حين أكدت الحركة الشعبية شمال، على لسان رئيس هيئة أركان جيشها عزت كوكو أنجلو، نشر أن سيطرتها على كادوقلي والدلنج حتمية، وأنها مسألة وقت فقط.

 

ودعا أنجلو ما وصفهم بالشرفاء والعقلاء من عناصر الجيش إلى الانسحاب العاجل والتسليم من دون خسائر، فضلاً عن مناشدته بفتح ممرات آمنة لخروج المواطنين وعدم منعهم من حماية أرواحهم.

ودفعت هذه التطورات أعداداً كبيرة من المواطنين في مدينتي الدلنج وكادوقلي وأريافهما إلى النزوح نحو مناطق أكثر أماناً، بخاصة ولاية شمال كردفان التي باتت تستقبل أعداداً متزايدة من النازحين، وهو ما يضع ضغوطاً إضافية على البنية التحتية والخدمات في شمال كردفان، التي تحولت إلى وجهة رئيسة للنازحين الفارين من مناطق النزاع.

دعوة للمغادرة

في الأثناء أبدى مجلس جبال عموم النوبة قلقه البالغ إزاء تطور العمليات العسكرية بصورة متسارعة في ولاية جنوب كردفان، بخاصة في المناطق التي تشهد وجوداً مكثفاً لقوات الجيش، على رأسها مدينتا كادوقلي والدلنج، إلى جانب مناطق أبو جبيهة وأبو كرشولا.

وأشار المجلس في بيان إلى أن سلامة المدنيين وحماية أرواحهم تمثل أولوية قصوى، في وقت تشير فيه كل الاحتمالات إلى اندلاع مواجهات عسكرية واسعة النطاق في هذه المناطق خلال الأيام والفترات القادمة.

وحث البيان مواطني جبال النوبة بمختلف فئاتهم العمرية من نساء وأطفال وكبار سن على مغادرة مناطق التوتر والنزاع المسلح والتوجه نحو المناطق الأكثر أماناً، بما في ذلك المناطق الواقعة خارج دائرتي المواجهات العسكرية.

وبينما حذر من أخطار استخدام وجود المدنيين داخل المدن لأغراض عسكرية، أكد أن أبناء النوبة لن يكونوا وقوداً للحرب أو أدوات في صراع عسكري أو سياسي، حيث يظل حقهم في الحياة والأمان فوق جميع الاعتبارات.

ويأتي التصعيد العسكري في إقليم كردفان وسط أوضاع إنسانية صعبة نتيجة النزاعات المسلحة التي أدت إلى نزوح عديد من المواطنين وتهدم البنية التحتية، إذ يفتقر كثير من السكان إلى الخدمات الأساسية، مثل المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية، ما يزيد من معاناتهم اليومية.

 

جسر مساعدات

إنسانياً، أطلق الاتحاد الأوروبي جسراً جوياً طارئاً لإيصال المساعدات إلى دارفور، الذي يعاني سكانه من انعدام الغذاء لفترات طويلة بسبب الحرب المشتعلة لأكثر من عامين بين الجيش و"الدعم السريع".

وأوضح الاتحاد في بيان أن الرحلة الجوية الأولى حملت نحو 100 طن من المساعدات من مخزونات الاتحاد الأوروبي الإنسانية والمنظمات الشريكة.

وأشار البيان إلى أن الجسر يتكون من 8 رحلات جوية ستتواصل خلال الشهر الحالي والشهر المقبل لنقل إمدادات منقذة للحياة إلى إقليم دارفور، في ظل الفظائع الجماعية والمجاعة والنزوح المرتبط بالصراع في السودان، التي تركت ملايين الأشخاص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

ونوه البيان بأن الأوضاع الإنسانية في دارفور، التي تعد أحد أصعب الأماكن في العالم لوصول المنظمات الإنسانية تشهد تدهوراً حاداً منذ سقوط مدينة الفاشر بشمال دارفور في يد قوات "الدعم السريع" في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. واستطرد "يعد فقدان المدينة تصعيداً كبيراً في كارثة إنسانية قائمة بالفعل، وقد زاد من صعوبة الوصول إلى المساعدات، وأبلغ المدنيون الذين تمكنوا من الفرار عن انتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنساني الدولي".

وأفاد الاتحاد الأوروبي بأن الجسر الجوي ينقل مساعدات تشمل مواد الإيواء، ومستلزمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، إضافة إلى الإمدادات الصحية.

وقدم الاتحاد الأوروبي أكثر من 270 مليون يورو كمساعدات إنسانية للسودان خلال هذا العام فقط، مما يجعله من أكبر المساهمين في الاستجابة الإنسانية.

تشغيل النفط

اقتصادياً، أكدت وزارة الطاقة السودانية استعدادها لتشغيل المنشآت البترولية الخاصة بنفط جنوب السودان.

وذكر وزير الطاقة السوداني المعتصم إبراهيم أحمد خلال لقائه عدداً من المسؤولين في جنوب السودان أن بلاده على استعداد لتشغيل المنشآت البترولية لنفط جنوب السودان والمحافظة عليها لخدمة البلدين. وأشار إلى أن السودان وجنوب السودان تربطهما علاقات تاريخية ومصالح مشتركة في عدد من المجالات، على رأسها البترول.

وتناول الجانبان انسياب عمليات صادر خام البترول والعمل على المحافظة عليه والتعاون بين البلدين في هذا القطاع الحيوي الذي يمثل أهمية كبرى لكليهما.

وأعلنت حكومة جنوب السودان في وقت سابق عن توصلها إلى اتفاق مع طرفي النزاع في السودان (الجيش وقوات "الدعم السريع")، يضمن أمن حقل هجليج النفطي الواقع في منطقة حدودية، بعد سيطرة الأخيرة عليه سابقاً.

ويمنح الاتفاق جيش جنوب السودان المسؤولية الأمنية الأولى عن الحقل، وسط توتر متصاعد.

ويعد حقل هجليج من أهم الحقول النفطية في السودان، إذ ينتج نحو 20 ألف برميل من النفط السوداني يومياً، ويضم محطة مركزية لمعالجة نحو 130 ألف برميل من النفط القادم من جنوب السودان.

البرهان في الرياض

سياسياً، أجرى قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أمس الإثنين محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العاصمة الرياض، ناقشت الأزمة التي يعانيها السودان والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار.

وبحسب وكالة الأنباء السعودية، جرى خلال اللقاء استعراض مستجدات الأحداث الراهنة في السودان وتداعياتها، والجهود المبذولة في شأنها لتحقيق الأمن والاستقرار.

وتعد هذه المحادثات الأولى من نوعها بعدما طلب ولي العهد السعودي من الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي التدخل شخصياً لإنهاء الحرب في السودان.

شارك الخبر: