النقار - خاص
عادت طواحين الكلنكر إلى الواجهة في مناطق سلطة صنعاء، مستفيدة من توقف مصنعي اسمنت عمران وباجل بعد تعرضهما لغارات جوية اسرائيلية.
والكلنكر هي مادة مستوردة تستخدم في صناعة الاسمنت، يتم طحنها بواسطة طواحين خاصة، وتعبئتها في أكياس، وتباع على انها منتجات اسمنتية، وهو غش تجاري، كون مادة الكلنكر هي مادة رئيسية في صناعة الأسمنت، ولا تكفي لوحدها لانتاج اسمنت بجودة عالية.
وتعمل طواحين الكلنكر بعيدا عن الرقابة، وأغلبها يتم تشغيلها في مناطق ريفية، وكثير منها دخلت الى البلاد على اعتبار انها مصانع اسمنت، غير أنها نقلت إلى مناطق ريفية في ضواحي العاصمة صنعاء والمحافظات القريبة من العاصمة، وفقا لمعلومات حصل عليها "النقار" من عدة مصادر في مؤسسة صناعة وتسويق الاسمنت وهيئة الاستثمار بصنعاء، واغلبها أصبحت تعمل بحماية نافذين من الجماعة.
وافاد "النقار" مصدر رقابي ان مادة الكلينكر المستوردة والتي تستخدمها الطواحين اغلبها رديئة، وتحويلها إلى اسمنت وبيعه في السوق، ثم استخدامه في العمليات الانشائية يؤثر على سلامة المباني، نظرا لجودته المنخفضة.
وأكد مصدر ثان لـ"النقار" أن كميات من الكلنكر رديئة الجودة حجزت في المراكز الجمركية التابعة لسلطة صنعاء خلال الأعوام من 2019 إلى 2021، لكن تم الإفراج عنها خلال العام 2022 بتوجيهات عليا بعد تدخل وزير الصناعة السابق محمد المطهر.
ومع توقف إنتاج مصنعي اسمنت باجل وعمران عن الانتاج بعد تعرضهما للقصف خلال الاسبوع الماضي، أصبحت الحاجة ماسة لكميات من الاسمنت لتغطية حاجة السوق من المادة، ونتيجة لذلك شهد سوق الأسمنت في صنعاء ومحافظات مجاورة ارتفاع في الأسعار، ومعه ظهرت مواد اسمنتية مغشوشة.
يقول مصدر رقابي لـ"النقار" ان مفتشين اكتشفوا خلال الأيام القليلة الماضية وجود اكياس اسمنت على انها مصرية الصنع، رغم منع استيراد الاسمنت الخارجي منذ يوليو 2023، وعند فحصها اتضح أنها معبأة بالاسمنت الذي تنتجه طواحين الكلنكر من مادة رديئة.
وأفاد "النقار" مصدر تجاري أن ما تم الترويج له على منصات التواصل الاجتماعي من رفع لسعر اسمنت الوطنية بعد قصف مصنعي باجل وعمران، كان الهدف منه توجيه المستهلك نحو الاسمنت الذي تنتجه طواحين الكلنكر، والذي يعبأ بعضه في أكياس تحمل العلامات التجارية لمصنعي اسمنت باجل وعمران، ويباع بالسعر السابق، بعد أن تعمد بعض الوكلاء والموزعين اخفاء الاسمنت ورفع سعره، لبيع الاسمنت الردئ، الذي تنتجه طواحين الكلينر، والذي يحصلون منه على فوائد مجزية، مطالبا الجهات الرقابية بتكثيف الرقابة على سوق الأسمنت، لافتا الى ان المشكلة ليست في ما تنتجه طواحين الكلنكر في حال خضعت للرقابة، وإنما رداءة مادة الكلنكر التي تستخدمها الطواحين.
وكشف لـ"النقار" مصدر امني ان احدى النقاط الأمنية بمحافظة البيضاء حجزت نهاية الاسبوع الماضي شاحنة محملة بمادة الكلنكر، كانت بدون فواتير خاصة بالشحنة التي تحملها، غير انه تم الافراج عنها بناء على اتصال من العمليات المركزية.
وخلال العام 2022 اثيرت قضية طواحين الكلنكر بعد شكاوي من الغش في الاسمنت الموجود، وتأثير منتجاتها على المنتج الوطني، ووصلت القضية إلى مجلس النواب بصنعاء، والذي أوصى الحكومة بالرقابة على طواحين الكلينكر، ومراقبة منتجاتها، وتقنين استيراد مادة الكلنكر مشترطا جودة المادة، وصولا لمنع استيرادها.
وفي يناير 2025 منعت وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار بصنعاء استيراد مادة الكلينكر عبر موانئ الحديدة، غير ان مصدر رقابي أكد لـ"النقار" أن مادة الكلينكر ظلت تدخل عبر التهريب من طرق برية قادمة من محافظة أبين، والتي تتواجد فيها عدد من طواحين الكلنكر غير المرخصة.
وتفيد معلومات حصل عليها "النقار" من مصادر اقتصادية وجمركية وتجارية ورقابية أن 3 طواحين كلينكر موجودة في ضواحي العاصمة صنعاء، واثنين في محافظة حجة، وواحد في ذمار، وجميعها دخلت على انها مصانع اسمنت خلال الفترة من 2018 إلى 2022، غير أنها لم تستكمل تراخيص الإنتاج، وظلت تعمل بعيدا عن الرقابة، بحماية نافذين كبار في السلطة.
وأكد مصدران من هذه المصادر ان احد هذه الطواحين ظل ينتج مادة الاسمنت من محافظة حجة في أكياس خاصة بمصنع اسمنت البرح الذي توقف عن العمل في العام 2017 بعد تعرضه للقصف، وحينها قام نافذين من الجماعة بنهب بعض آلاته ومواد خام ونقلها الى محافظة حجة.