قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الجمعة إن "الفلسطينيين في غزة يعانون ما قد تكون الفترة الأكثر وحشية في هذا النزاع القاسي" مع تكثيف إسرائيل هجومها العسكري.وأورد غوتيريش في بيان "طوال نحو 80 يوماً، منعت إسرائيل دخول المساعدات الدولية المنقذة للحياة... ويواجه جميع سكان غزة خطر المجاعة"، وأضاف "يتصاعد الهجوم العسكري الإسرائيلي مع مستويات مروعة من الموت والتدمير".وتابع "اليوم، 80 في المئة من غزة يصنف إما منطقة عسكرية إسرائيلية وإما منطقة أُمر سكانها بمغادرتها".وأكد الأمين العام أن "على إسرائيل التزامات واضحة بموجب القانون الإنساني الدولي، بصفتها القوة المحتلة، عليها الموافقة على السماح بوصول المساعدات اللازمة وتسهيلها".
قتلى بغارات وشح في المساعدات
في الموازاة أعلن الدفاع المدني في غزة اليوم الجمعة مقتل 16 شخصاً في غارات إسرائيلية على مناطق مختلفة في القطاع الفلسطيني، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن 107 شاحنات مساعدات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى تحمل طحيناً وغذاء ومعدات طبية وأدوية دخلت قطاع غزة أمس الخميس.وأفاد مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني محمد المغير وكالة الصحافة الفرنسية، بسقوط 16 قتيلاً وعشرات المصابين إثر غارات جوية شنتها إسرائيل على مناطق عدة في قطاع غزة منذ منتصف الليل، وأشار إلى "سقوط عشرات الجرحى" في الغارات التي أصابت منازل في وسط القطاع وجنوبه.في المقابل، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الجمعة إن شاحنات المساعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها إلى قطاع غزة هذا الأسبوع "قليلة جداً ومتأخرة جداً"، وأضاف المتحدث "هذا قليل جداً ومتأخر جداً وبطيء جداً. يتعلق الأمر الآن بزيادتها بصورة كبيرة، وضمان وصول هذه المساعدات إلى الناس حتى تنتهي المعاناة في قطاع غزة".
نتنياهو يندد بزعماء غربيين
من جهته اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زعماء فرنسا وبريطانيا وكندا بالرغبة في مساعدة حركة "حماس" بعدما هددوا باتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا لم توقف إسرائيل أحدث هجماتها على قطاع غزة.تأتي هذه الانتقادات في إطار رد الحكومة الإسرائيلية على الضغوط الدولية المتزايدة عليها بسبب حرب غزة. وأدلى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بتصريحات مماثلة أمس الخميس.وقال نتنياهو "أنتم على الجانب الخطأ من الإنسانية والجانب الخطأ من التاريخ"، واتهم الدول الثلاث بدعم "مرتكبي جرائم القتل الجماعي والمغتصبين وقاتلي الأطفال والخاطفين" في إشارة إلى هجموم "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.ومع استمرار تدفق صور الدمار والجوع في غزة التي أججت الاحتجاجات حول العالم، تجد إسرائيل صعوبة في استمالة الرأي العام العالمي الذي تحول ضدها بصورة متزايدة على رغم هجوم "حماس".وعبر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم تحديداً من الدعوات المتزايدة للدول الأوروبية، ومن بينها فرنسا، إلى السير على خطى دول أخرى مثل إسبانيا وإيرلندا والاعتراف بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود في المنطقة.ويقول نتنياهو إن الدولة الفلسطينية ستشكل تهديداً لإسرائيل، ووصف مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية لدى واشنطن الثلاثاء على يد رجل تردد أنه كان يهتف "فلسطين حرة" بأنه مثال واضح على هذا التهديد. وقال "الهتاف نفسه" تردد خلال هجوم "حماس" على إسرائيل.واستطرد يقول في بيان على منصة "إكس"، "إنهم لا يريدون دولة فلسطينية، إنهم يريدون تدمير الدولة اليهودية". وأضاف "لا أستطيع قط أن أفهم كيف يمكن أن تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن زعماء فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرها من الدول".وذكر أن أي تحرك من دول غربية للاعتراف بدولة فلسطينية سيكون "مكافأة لهؤلاء القتلة بالجائزة الكبرى".وقال نتنياهو، الذي تعتمد حكومته على دعم اليمين المتطرف، إن "حماس" شكرت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسي الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني على ما قال إنه مطالبتهم بإنهاء الحرب على الفور.
دعوة إسرائيل إلى إظهار الرحمة
في الأثناء، حض رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس إسرائيل أمس الخميس على التحلي "بالرحمة" في حرب غزة وإنهاء "التدمير المنهجي" للنظام الصحي في القطاع، مشدداً على أن السلام سيكون في صالحها.
وحذر في مداخلة خلال انعقاد الجمعية السنوية لمنظمة الصحة العالمية من أن الحرب تؤذي إسرائيل ولن تجلب لها حلاً دائماً.
وقال تيدروس البالغ 60 سنة الذي كثيراً ما يستذكر نشأته في زمن الحرب في إثيوبيا، "أستطيع أن أشعر بما يشعر به سكان غزة في هذه اللحظة، أستطيع أن أشم رائحته وأن أتصوره، بل وحتى أستطيع سماع الأصوات، وهذا بسبب اضطراب ما بعد الصدمة"، وأضاف "يمكنكم تخيل معاناة الناس، من الخطأ حقاً استخدام الطعام كسلاح، وخطأ كبير استخدام الإمدادات الطبية كسلاح".
وجاء كلامه بعد إعلان الأمم المتحدة أول من أمس الأربعاء أن فرقها داخل قطاع غزة تسلمت مساعدات إنسانية تعادل زنتها حمولة 90 شاحنة، وباشرت إرسالها إلى أنحاء مختلفة من القطاع لتوزيعها، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ شهرين ونصف الشهر عندما أطبقت إسرائيل حصارها على القطاع.
وقال تيدروس إن حلاً سياسياً فقط يمكن أن يحقق السلام الحقيقي، مؤكداً أن "الدعوة إلى السلام تصب في مصلحة إسرائيل نفسها. أشعر بأن الحرب تضر بإسرائيل نفسها، ولن تفضي إلى حل دائم"، وتابع "أسألكم إن كان بإمكانكم إظهار الرحمة، هذا جيد لكم وللفلسطينيين وللإنسانية".
تدمير "ممنهج"
مدير برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين قال من جهته إن 2.1 مليون شخص في غزة "معرضون لخطر الموت الوشيك"، وأضاف "نحن في حاجة إلى إنهاء التجويع، ونحن في حاجة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، ونحن في حاجة إلى إعادة إمداد النظام الصحي وإعادة تشغيله".
وتابع راين "بصفتي رهينة سابقاً، بإمكاني القول إنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، عائلاتهم تعاني، عائلاتهم تتألم".
وكشفت منظمة الصحة العالمية عن أن سكان غزة يعانون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود والمأوى.
واضطرت أربعة مستشفيات رئيسة لتعليق خدماتها الطبية خلال الأسبوع الماضي، بسبب قربها من مناطق الأعمال العدائية أو مناطق الإخلاء والهجمات.
وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان إن 19 مستشفى فقط من أصل 36 في قطاع غزة لا تزال تعمل، وإن الموظفين يعملون في "ظروف مستحيلة"، وأضافت أن "94 في المئة في الأقل من كل المستشفيات في قطاع غزة تضررت أو دمرت"، في حين "جرد شمال غزة من الرعاية الصحية بصورة شبه كاملة".
وقالت المنظمة إنه في مختلف أنحاء القطاع لم يبق متاحاً سوى 2000 سرير في المستشفيات، وهو رقم "غير كافٍ على الإطلاق لتلبية الحاجات الحالية"، ومضت بالقول "التدمير ممنهج، المستشفيات يعاد تأهيلها وتزويدها الإمدادات، فقط لكي تصبح عرضة للأعمال العدائية أو تهاجم مجدداً، يجب أن تنتهي هذه الدورة التدميرية".