النقار - خاص | معرف وكفيل، هذا ما يحتاجه اليمني لدخول محافظة صعدة، الواقعة أقصى شمال البلاد، والمعرف هو الشخص الذي سيصل إليه القادم إلى صعدة من خارجها، اما الكفيل لا بد أن يكون من سكان المحافظة، وهو إما مشرف، او عاقل حارة، أو وجاهة اجتماعية.
والاثنان لا يكفيان في حال لم يجد المسافر اسمه ضمن سجلات المسموح بدخولهم في النقاط المنتشرة جنوب مدينة صعدة، بدء من آل عمار بمديرية الصفراء، وصولا إلى نقطة المدرج في المدخل الجنوبي للمدينة، والتي سميت بهذا الاسم نسبة لمشرف النقطة "أبو توفيق المدرج".
وعند هذه النقطة يترجل الجميع ليقفوا في طابور أمام كنتيرة، لمطابقة اسمائهم بالكشوفات، ومن ثم الحصول على إذن الدخول، وهو عبارة عن ختم يحمل اسم "أبو توفيق المدرج" يطبع على ساعد الداخل إلى المدينة، واحيانا يستبدل بتصريح ورقي ممهور به للمتجهين الى المديريات خارج المدينة.
يقول عبد الله غالب يعمل في بسطة لبيع الملابس في مدينة صعدة: إذا لم يرد اسمك في الكشوفات المعمم بها على النقاط يتم انزالك من السيارة في اول نقطة بـ"آل عمار"، وتظل منتظرا حتى وصول الموافقة. أما وضاح الحرازي عامل في بقالة بالعند في ريف صعدة يؤكد ان البعض يخضعون لاستجوابات في نقطة المدرج، خاصة الذاهبين للعمل في ضواحي المدينة.
لكن عبد الكريم الحاج كان يملك معمل خياطة في مدينة صعدة إلى ما قبل عامين؛ أكد لـ"النقار" أن العمال الذين كان يعرف بهم، يسلم كامل بياناتهم للكفيل، بما فيها تفاصيل تتعلق بعدد أفراد الأسرة، وأعمالهم، ومقار إقاماتهم، وصور من بطائقهم الشخصية.
يأتي ذلك في ظل إجراءات امنية مشددة تدار بها مدينة صعدة. يقول لـ"النقار" مصدر يعمل في الامن العام بصعدة أن المدينة وأريافها المجاورة يديرها جهاز الأمن الوقائي الخاص بالجماعة. مؤكدا ان نفوذ عناصر الجهاز اوسع من السلطة المحلية، بل انهم يتدخلون في تعيين مدراء اقسام الشرطة والبحث الجنائي وعقال الحارات، ويصل نفوذهم حد التدخل في قرارات المحافظ. مبينا أن المدينة مقسمة إلى مربعات أمنية، والمشرف عليها يحرص على الاحاطة بكل تفاصيل قاطنيها.
ويؤكد لـ"النقار" موظف في مكتب حكومي بصعدة، فضل الاشارة لاسمه بـ"الهجري" ان فكر الجماعة المتشدد طغى على مختلف مناحي الحياة، حتى انك لا تجد محل لنسخ الاغاني او المسلسلات، او محل ملابس يعرض في بوابته ملابس نسائية.
ورغم التشديد على دخول اليمنيين إلى صعدة، إلا ان المهاجرين الافارقة يدخلون إليها، دونما معرف او كفيل. وفي هذا السياق اكد لـ"النقار" مصدر على اطلاع واسع بملف تهريب الافارقة، يقيم في مديرية منبه الحدودية ان عصابات التهريب مرتبطة بعلاقات مع قيادات في الأمن الوقائي بصعدة، ويحصلون مقابل ذلك على عوائد مادية، كاشفا أن سيارات المهربين تعبر دون اعتراض إلى المناطق الحدودية، مبينا أن من يتم القبض عليهم من الافارقة ونقلهم إلى الحجز الذي تعرض للقصف الامريكي مؤخرا، هم من يحاولون الوصول سيرا على الأقدام إلى المناطق الحدودية، بعيدا عن عصابات التهريب.
وتسعى الجماعة لتحويل صعدة إلى "قم" اخرى في اقصى شمال اليمن، حيث عمدت مؤخرا لتجديد اضرحة من يسمونهم اعلام الهدى، وبنوا عليهم قباب فخمة، وحولوها إلى مزارات، بعد تعبيد الطرقات إليها، كما هو حاصل مع مزار مؤسس الجماعة حسين الحوثي، ووالده، بمديرية مران المستحدثة مؤخرا، بموجب القرار الجمهوري رقم (85) الذي أصدره المشاط في 27 مايو 2025، والذي قضى بفصل عزل من مديرية حيدان، وقرى من مديرية الظاهر، وتحويلها إلى مديرية جديدة باسم "مران" ومركزها خميس مران.
يقول مصدر يعمل في ديوان محافظة صعدة لـ"النقار" إن المديرية المستحدثة عينت كافة إداراتها المدنية والامنية من عناصر الامن الداخلي للجماعة "الوقائي" بعيدا عن السلطة المحلية والامنية للمحافظة، والتي لم يكن حضورها إلا لتوقيع قرارات التعيين فقط.
وقبل استحداث مديرية مران بعامين، استحدثت مديرية آل سالم، فصلا من مديرية كتاف والبقع شرق المحافظة، وهذه المديرية تحظى باهمية عسكرية لدى الجماعة نظرا لطبيعتها الجغرافية والجيولوجية، وهي مثل مران تدار بعناصر من الوقائيين.
وإلى جانب المزارات التي صارت يفوج إليها المسؤولين وموظفي الدولة والشخصيات الاجتماعية من صنعاء والمحافظات سنويا، نشرت الجماعة خلال الخمس السنوات الأخيرة مدارسها الخاصة التي تدرس فكر الجماعة ومذهبها وملازم مؤسسها في مختلف مديريات المحافظة. يقول مصدر قبلي من صعدة لـ"النقار" فضل عدم الاشارة لاسمه انه نقل سكنه إلى صنعاء هربا باولاده من المدارس الخاصة بالجماعة، مشيرا إلى أن الجماعة أرست ثقافة تزدري رب الاسرة الذي لا يعلم اولاده في مدارس الجماعة، لافتا إلى أن كثير من طلاب تلك المدارس لا يدرسون في المدارس النظامية، مؤكدا أن مدارس الجماعة نشرﭢ في كل قرية، خصوصا في المديريات التي يعتنق أبنائها معتقدات مذهبية مخالفة مثل منبه وشداء.