• الساعة الآن 10:10 PM
  • 12℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

مالذي تبقى من السلطات الثلاث في صنعاء؟!

news-details

 

النقار - خاص

خفت حضور السلطات الثلاث في صنعاء، حتى أصبحت بعضها مجرد ظاهرة صوتية باهتة في الإعلام الرسمي للجماعة، يقترن حضورها في الغالب ببيانات الشجب والتنديد، أو إرسال برقيات التهاني والتعازي.

وبمقابل هذا الخفوت، برزت إلى الواجهة أجهزة القمع الأمنية والاستخباراتية، والتي باتت تتبارى فيما بينها على الحضور في الساحة، مدشنة حملات قمع ممنهجة تستهدف أصحاب الرأي، حتى بدت مؤخرًا أشبه بمن يريد الانتقام من المجتمع.

السلطة التنفيذية
لم يعد من السلطة التنفيذية غير مكتب الرئاسة الذي يديره أحمد حامد، وقائم بأعمال رئيس الوزراء، بات يحتفظ بصلاحيات كثير من الوزراء بين يديه، فالمجلس السياسي الأعلى صار حضوره مرتبطًا برئيسه مهدي المشاط، الذي تقلص حضوره مؤخرا على إرسال برقيات التعازي والتهاني، وإلقاء الكلمات في المناسبات. اما التسعة الاخرين من اعضاء المجلس، فلم يعد لوجدهم حاجة منذ مطلع يونيو 2024، حين تم تمديد رئاسة المشاط إلى أجل غير مسمى.

يقول مصدر مقرب من مكتب الرئاسة بصنعاء لـ"النقار" إن المجلس السياسي الأعلى لم يعد له مقر معروف، وكل أعماله يمارسها مدير مكتب الرئاسة، أحمد حامد. فهو من يصدر القرارات التي يكتفي المشاط بتوقيعها، وهو من يوجه القائم بأعمال رئيس الحكومة، وغيره من الجهات بمذكرات، يكرر فيها عبارة "توجيهات رئيس المجلس السياسي تقضي بـ...". مشيرًا إلى أن السكرتير الخاص بالمشاط أصبح مجرد مراسل، وعمله محصور في جلب القرارات التي تحتاج لتوقيع المشاط، وإعادتها موقعة إلى مكتب حامد.

وفي ذات السياق، أفاد "النقار" مصدر في مكتب رئاسة الوزراء أن القائم بأعمال رئيس الوزراء محمد مفتاح، همش مكتب رئاسة الوزراء المستحدث بعد تشكيل حكومة الرهوي، واستبدله بسكرتاريته، التي صارت موزعة بين مكتب رئيس الوزراء ومنزله. مشيرًا إلى أن طاقمًا موازيا بات يدير أغلب أعمال مجلس الوزراء من خارج المكاتب، ومن قبل موظفين غير معروفين، ولم يتبقَ من صلاحيات لمدراء الإدارات غير التوقيع على مذكرات تأتي من خارج مكاتبهم.

وكشف لـ"النقار" مصدران مطلعان أن الوزارات التي قضى وزراؤها في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت الحكومة يوم 28 أغسطس الماضي صارت صلاحيات الوزير في أغلبها موزعة بين أحمد حامد والقائم بأعمال رئيس الوزراء، وليس بيد القائمين بأعمال الوزراء، ونوهّا إلى أن سكرتير مفتاح يملك صلاحيات أكثر من القائم بأعمال الوزير في بعض الوزارات.

وقال أحد المصدرين إن بعض الوكلاء المقربين من مفتاح وحامد، صاروا يملكون صلاحيات أكثر من نائب الوزير الذي أصبح قائمًا بأعمال الوزير، كما هو الحال في وزارات الثقافة والإعلام والكهرباء والشباب والرياضة. في حين قال المصدر الثاني إن هذا الأمر كان أكثر وضوحًا في وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار، الذي كلف فيها مفتاح الوكيل المكلف سام البشيري للقيام بأعمال الوزير، متجاوزًا النائب المعين بقرار رئاسي أحمد الشوتري، لا لشيء غير أن البشيري مقرب من مفتاح، وعن طريقه يضمن السيطرة على هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة، على اعتبار أن الوزير هو رئيس مجلس إدارة الهيئة المعنية بمنح الإذن لدخول كافة السلع المستوردة إلى البلاد.

السلطة التشريعية
أما السلطة التشريعية، فقد أصبحت معطلة، ولم يعد لمجلس النواب حضور رقابي، وحتى جلساته صارت معلقة بمبرر المخاوف من الغارات الإسرائيلية، لكن حقيقة التعليق تكمن في قرار اتخذته سلطة الجماعة.

وأفاد "النقار" مصدر برلماني أن المجلس كان قد عاود عقد جلساته مطلع أغسطس الماضي، بعد توقف استمر قرابة ستة أشهر، لكن توجيهات سفوية من أحمد حامد صدرت بوقف الجلسات بعد يومين من عقدها. كاشفًا أن قياديًا في الجماعة يعمل في الأمانة العامة للمجلس قال له بصريح العبارة: "جلسات المجلس متوقفة إلى أجل غير مسمى، لعدم وجود حاجة لها، نحن نحتاج ما يصرف كبدل جلسات لدعم المجهود الحربي". كاشفًا أن دوام الموظفين في إدارات المجلس صار أشبه بالورديات الأسبوعية، للتخفف من بعض النثريات والحوافز التي تصرف لهم بشكل يومي، والتي صارت لا تصرف إلا للمداومين.

والحال في مجلس الشورى أسوأ بكثير من مجلس النواب، فلم يعد للمجلس حضور، وجلساته مرفوعة بقرار اتخذته هيئة رئاسة المجلس في 4 مارس 2024.

وأفاد "النقار" مصدر في المجلس أن 13 عضوًا عينوا في المجلس خلال السنتين الأخيرتين لم تتم تسوية أوضاعهم المالية، وبقية الأعضاء لا يتسلمون غير المرتب فقط، وحتى هيئة الرئاسة تم إيقاف بعض مخصصاتها، موضحًا أن المجلس بات أشبه بالخرابة، وموظفوه يعانون من تأخر المرتبات، ولا يداوم منهم إلا عدد محدود، من المحسوبين على الجماعة، والذين حكرت عليهم المكافآت والحوافز والبدلات.

السلطة القضائية
والسلطة القضائية، وإن كانت تبدو أفضل حالًا من غيرها، لكن الجماعة تقوم بتفخيخها بعناصرها المؤدلجة تحت مسمى "علماء الشريعة"، لكن مالك القرار فيها مشرفٌ بدرجة عضو مجلس القضاء الأعلى.

وفي هذا السياق، قال لـ"النقار" مصدر قضائي إن عضو مجلس القضاء الأعلى عبد الوهاب المحبشي هو المشرف القضائي للجماعة، والذي بات يعمل وفق أجندة تهدف لتمكين الجماعة من مفاصل القضاء. مشيرًا إلى أن قرار مجلس القضاء الأعلى صار بيد المحبشي، منذ تعيينه في المجلس في سبتمبر 2024، بعد التعديلات التي أُجريت على قانون السلطة القضائية.

وبينما يخفت حضور السلطات الثلاث في صنعاء، تتمدد سلطة الفرد، عامًا بعد آخر، وإن كانت سلطة الجماعة تبدو رأسية في مظهرها، إلا أنها أفقية في حقيقتها. فالممارسات على أرض الواقع تشير إلى أن الجماعة تحكم بمراكز نفوذ، وهو ما حول مناطق السيطرة إلى إقطاعيات، وجعل الجهاز الإداري للدولة مفصل على مقاساتها، وفق محاصصة تختلف نسبها حسب قوة النفوذ المبني على معايير سلالية،  ما يشير لصراع نفوذ مستقبلي داخل الجماعة، تبدو بوادره في تعدد أجهزة المخابرات، وتنافسها على فرض المجتمع.

شارك الخبر: