بعد أسابيع من التحذيرات الإسرائيلية والغربية حول احتمال اندلاع مواجهة عسكرية واسعة، وبعد أشهر على آخر استهداف طاول الضاحية الجنوبية لبيروت في مايو (أيار) الماضي، عادت تل أبيب لتنفذ ضربة دقيقة عصر اليوم الأحد، استهدفت شقة سكنية في قلب الضاحية. وبعد دقائق فقط، بدأت وسائل إعلام إسرائيلية تتحدث عن أن العملية أصابت شخصية بارزة في "حزب الله".
ولم تتأخر تقارير صحافية عدة عن الإشارة إلى أن المستهدف هو الرجل الثاني في الحزب ورئيس هيئة أركانه، هيثم علي طبطبائي، المعروف أيضاً بـ"أبو علي" طبطبائي، من دون أن يصدر حتى اللحظة أي تأكيد رسمي من الحزب حول مصيره.
من هو طبطبائي؟
على مدى العامين الماضيين، نفذت إسرائيل سلسلة عمليات اغتيال طاولت قيادات أمنية وعسكرية في "حزب الله"، من بينها الأمين العام السابق حسن نصرالله. وفي أكثر من محطة ظهر اسم "أبو علي" طبطبائي، وسط معلومات تفيد بأن تل أبيب حاولت تصفيته مرتين خلال الحرب الأخيرة من دون أن تنجح.
ويُعدّ طبطبائي الرجل الثاني في الهرمية العسكرية للحزب، خصوصاً بعد اغتيال فؤاد شكر خلال صيف عام 2024، ويُنظر إليه على أنه أحد أبرز العقول العملياتية وأكثر القادة المطلوبين لدى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وُلد عام 1968 في بيروت، وتفيد تقارير بأن والده إيراني ووالدته لبنانية، وانضم إلى "حزب الله" أثناء سنواته التأسيسية خلال ثمانينيات القرن الماضي، ليتدرج بعدها في وحدات العمليات الخاصة والتشكيلات النخبوية.
وبقي طوال مسيرته بعيداً تماماً من الأضواء، حتى إن أية صورة رسمية مؤكدة له غير متوافرة في الإعلام أو في منشورات الحزب.
وتذكر بعض التقارير أنه كان القائد الفعلي لـ"قوة الرضوان"، وهي قوة النخبة الأكثر تدريباً وتجهيزاً في "حزب الله"، والمسؤولة عن العمليات النوعية. وبرز اسمه على نحو أوضح مع دخول الحزب في الحرب السورية، خصوصاً أثناء معارك القصير والقلمون، حيث قامت وحدات النخبة التي أشرف عليها بدور محوري في ترجيح الكفة لمصلحة النظام السوري. كذلك شارك في تنسيق الدعم العسكري واللوجستي لحلفاء إيران في اليمن أي الحوثيين.
وعام 2016، صنفته وزارة الخارجية الأميركية "إرهابياً عالمياً" ضمن لوائح المطلوبين بموجب الأمر التنفيذي 13224، وأعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار مقابل أية معلومات تقود إلى تحديد مكانه.
ونتيجة لهذا التصنيف، ومن بين العواقب الأخرى، جرى حظر جميع ممتلكات طبطبائي، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، ومُنع ألاميركيون بوجه عام من إجراء أية معاملات مع طبطبائي. كما يدخل في إطار الجريمة الدعم المتعمد عن علم، أو محاولة توفير الدعم المادي، أو الإمكانات المادية، أو التآمر لتوفيره لـ"حزب الله" الذي صنفته الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أجنبية.
وبعد اغتيال القائد علي كركي في سبتمبر (أيلول) عام 2024، تولى طبطبائي قيادة الجبهة الجنوبية، وأصبح مسؤولاً عن ثلاث وحدات ميدانية رئيسة هي "ناصر" و"عزيز" و"بدر"، الممتدة من صيدا وصولاً إلى الحدود اللبنانية الجنوبية، أي المنطقة التي تُعد خط التماس المباشر مع إسرائيل.