• الساعة الآن 10:44 PM
  • 12℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

معركة فساد المساعدات في تعز الحوبان: صراع النفوذ يكشف فساد مكتب الصحة

news-details

 

النقار – خاص
تدور في تعز الحوبان، التابعة لسلطة جماعة أنصار الله بصنعاء، معركة حامية الوطيس في مكتب الصحة والبيئة، قسمت ناشطي وإعلاميي الجماعة إلى فسطاطين؛ أحدهما يدافع عن محمد العزي، مدير المكتب القادم من جبال محافظة حجة، بمؤهل دبلوم كهرباء، والآخر في صف منسقة مشروع البنك الدولي في المكتب، روضة الأمير.

نشر الفريقان على «حبل الغسيل» جانبًا من الفساد الذي عشعش في المكتب لسنوات، وكشف للعيان كيف تُجير المساعدات بعيدًا عن أهدافها، وتتحول إلى مصدر للإثراء الشخصي.

يقول مصدر عامل في مكتب الصحة بتعز الحوبان لـ«النقار» إن صراع العزي – الأمير هو صورة مصغرة من الصراع على الإيرادات والمساعدات الدولية بين كبار النافذين في محافظة تعز الحوبان، مشيرًا إلى أن العزي بات ممثلًا للقيادات العسكرية النافذة في المحافظة، فيما تحظى الأمير بدعم مشرفين، لكنها الطرف الأضعف في المعادلة.

ظهر الصراع إلى العلن عندما أقدم محمد العزي، مدير مكتب الصحة، على كسر أقفال مكتب منسقة البنك الدولي في المكتب، في وقت متأخر من الليل، وتسليمه لشخص آخر، بعيدًا عن الإجراءات المتبعة في هذا الجانب، والتي تقتضي ضرورة إجراء دور الاستلام والتسليم، وإشعار السلطة المحلية، وكأن المكتب إقطاعية خاصة بالعزي.

تقول منسقة البنك الدولي بمكتب الصحة، روضة الأمير، في شكوى وجهتها إلى القائم بأعمال المحافظ أحمد المساوى، إن باب مكتبها والمخزن الخاص بمنسقية مشروع البنك الدولي في المكتب تعرضا للكسر، وسُلِّما لمنسق مُعيَّن بشكل مخالف للقانون من قبل مدير مكتب الصحة محمد العزي.

وتفيد الأمير في شكواها أنه تم الاتصال بها عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة الخميس، ورفضت الرد، كون ذلك مخالفًا لما سمته «المعايير والنظام، ولا يتوافق مع المسيرة القرآنية»، مشيرةً إلى أنها تلقت بعد ذلك رسالة تفيد بأن المدير طلب حضورها عند الساعة الثامنة صباحًا إلى المكتب، لكنها لم تحضر بسبب أن يوم الخميس يوم إجازة.

ولفتت الأمير في شكواها إلى أن العزي أمر بكسر قفل باب مكتبها وباب المخزن، الذي يحتوي على أجهزة الكمبيوتر والطابعات الخاصة بمشروع البنك الدولي، وهي بعهدتها، وتم إعداد محضر استلام للبديل محمد عبدالسلام الغزالي، منسق برنامج الملاريا، متهمةً المنسق الجديد الغزالي بأنه صاحب سوابق.

وفي هذا السياق، رأى موظف سابق في منسقية مشروع البنك الدولي أن ما حصل مؤخرًا بين العزي والأمير هو انفجار تلى سنوات من فساد المساعدات في المكتب، والذي بدأ في عهد المدير السابق للمكتب عبدالملك المتوكل، كاشفًا لـ«النقار» أن المدير العزي أراد منذ وصوله إلى المكتب حصر كل شيء في شخصه، ولجا لاستخدم بعض موظفي المكتب لمعرفة كيف كانت تُدار الأمور من قبل سلفه، منوهًا إلى أنه اكتشف وجود أسماء وهمية تتسلم مبالغ كبيرة في منسقية البنك الدولي، وبعد أن فشل في تحويل مسار تلك المبالغ إلى قنواته الخاصة، لجأ للسيطرة على المشروع بشكل تام، وسلّمه للغزالي الذي أصبح أحد الأذرع التي يعتمد عليها.

من جانبها، اتهمت روضة الأمير في شكواها المنسق الجديد لمشروع البنك الدولي، محمد عبدالسلام الغزالي، بإجبار مديري المراكز الصحية على توريد مبالغ مالية إلى حسابه، بناءً على توجيهات المدير العام، كاشفةً أن مركز الشفاء حوّل مبلغ ثلاثمائة وثمانية وخمسين ألف ريال، والمركز الطبي التعاوني حوّل مبلغ وقدره مائة وتسعة وسبعون ألف ريال، فيما حوّل مركز البرح مائة وتسعة وسبعين ألف ريال، مشيرةً في شكواها إلى أنها أرفقت سندات التحويل، مطالبةً المحافظ بالتحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة.

الدعم الدولي الذي يتلقاه برنامج مكافحة الملاريا ومنسقية مشروع البنك الدولي يشمل الدعم المالي للمرافق الصحية، خصوصًا الريفية منها، وتدريب وتأهيل الأطباء ومساعديهم والعاملين الصحيين، ومنحهم مكافآت مالية. وفي هذا السياق، أكد لـ«النقار» مصدر في برنامج مكافحة الملاريا بتعز أن كشوفات المنسقية والبرنامج مليئة بالأسماء الوهمية، التي تتقاضى ما يقارب نصف المبلغ المخصص كمكافآت للأطباء ومساعديهم والعاملين الصحيين، منوهًا إلى أن الكشوفات تضم أسماء وهمية على أنهم أطباء أجانب تم استقدامهم نظرًا للحاجة الماسة لهم. مبينًا أن المبالغ المخصصة لدعم الوحدات والمراكز الصحية الريفية من المشروعين تُسلَّم كاملة لمديري تلك المرافق، لكن نصفها يعود بحوالات للقائمين على المشروعين، والمدعومين من نافذين عسكريين ومشرفين، يتقاسمون معهم تلك المبالغ، مؤكدا ان المدراء، يساوموا على منحهم الدعم مقابل النصف.

ووفقا لمصادر صحية، فإن كل ما انجزه العزي منذ تعيينه مديرًا لمكتب الصحة بتعز الحوبان قبل ستة اشهر، هو تحويل المكتب إلى إقطاعية خاصة به وبمعاونيه ومرافقيه الذين استقدمهم من محافظة حجة. وخلال هذه الفترة اجتهد في الإمساك بكل شاردة وواردة في القطاع الصحي في نطاق السيطرة، حتى أصبحت مكاتب الصحة في المديريات ومديرو المرافق الصحية مسلوبي الصلاحيات، وصلاحية أحد مرافقيه تتجاوز أحيانًا صلاحياتهم.

يقول مصدر في مستشفى الراهدة العام لـ«النقار» إن العزي استغنى عن خدمات 17 متعاقدًا في المستشفى، أغلبهم يعملون في المستشفى منذ بداية الحرب، ويحصلون على مكافآت لا تتجاوز 40 ألف ريال من الدعم الدولي الذي يُقدم للمستشفى، منوهًا إلى أن تلك المبالغ استحوذ عليها العزي، ولا يُعلم إلى أين تذهب.

من جانبه، قال لـ«النقار» مصدر في مكتب الصحة بمديرية خدير إن العزي أوقف صرف فيالات أنسولين وصلت إلى المكتب عبر منظمة دولية بهدف توزيعها على مرضى السكري، وتمت إعادتها إلى المكتب بالحوبان، وما تزال مختفية للشهر الثاني على التوالي.

في المحصلة، لا يبدو خلاف العزي والأمير سوى رأس جبل جليد لمنظومة تُحوِّل التمويل الدولي إلى نفوذ شخصي، وتُفرِّغ البرامج الصحية من مضمونها. ومع غياب الرقابة الفعلية، تبقى المرافق الريفية والمرضى وقودًا لصراع الإيرادات، فيما تتآكل ثقة الناس بأي دعمٍ يُرفع عنوانه إنسانيًا ويُصرف عمليًا كغنيمة.

شارك الخبر: