• الساعة الآن 12:19 AM
  • 11℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

اقتصاد باسم الوطن واحتكار باسم الجماعة.. كيف يُصادَر السوق تحت يافطة تشجيع المنتج المحلي

news-details

 

النقار – خاص
تحت مسمى تشجيع المنتج الوطني، تسعى الجماعة الحاكمة في صنعاء إلى إنشاء اقتصادها الخاص، واحتكار السوق لصالح منتجاتها، التي لا تحمل من الوطني غير المسمّى.

مؤخرًا رفعت مصلحة الجمارك والضرائب الرسوم الجمركية والضريبية على الملابس والأحذية المستوردة، بمبرر تشجيع المنتج المحلي، ورغم معرفتها بأن ما تنتجه معامل الخياطة المحلية لا يلبّي حاجة السوق في صنعاء ومحيطها، ولا أذواق الكثير من المستهلكين، إلا أن ما وراء القرار مرتبط بتمكين الاقتصاد الخاص بالجماعة.

يقول مصدر مطلع في وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في صنعاء لـ«النقار» إن توطين صناعة الملابس بحاجة إلى توسيع زراعة القطن، ومن ثم توطين صناعة النسيج، كونه المادة الأساسية في صناعة الملابس، معتبرًا أن ما تتحدث عنه الحكومة من توطين صناعة الملابس هو مجرد زوبعة إعلامية، الهدف منها احتكار السوق لمنتجات المعامل، من خلال التسهيلات المتمثلة بالإعفاءات الجمركية والضريبية، والحصول على تمويلات من الجهات المانحة. موضحًا أن الوطني في معامل الخياطة هو العامل فقط، الذي يتقاضى أجورًا زهيدة، أما كل المواد الخام وأدوات المعامل فهي مستوردة بالكامل، واستيرادها معفي من نسبة كبيرة من الرسوم الجمركية والضريبية تصل أحيانا إلى 75%.

وكشف لـ«النقار» مصدر خاص، سبق له الاطلاع على توجهات الجماعة في احتكار السوق، أن أكثر من ثلاثة أرباع الإعفاءات الجمركية والضريبية التي تحصل عليها المواد الخام والمواد والآلات بمبرر تشجيع الإنتاج المحلي تذهب لصالح منشآت ومعامل تخص الاقتصاد الخاص بالجماعة، موضحًا أن صاحب فكرة التوطين هو محمد الهاشمي، نائب وزير الصناعة والتجارة السابق، وأن الهدف من التوطين هو تمكين الجماعة اقتصاديًا لتبييض الأموال التي يتم جبايتها تحت مسميات مختلفة، والسعي للاستحواذ على نسبة كبيرة من حصة السوق المحلية بما يؤدي إلى السيطرة عليه، من خلال إقصاء وتطفيش قطاع واسع من رأس المال الوطني عن طريق رفع الرسوم المختلفة على المستوردين، واتخاذ إجراءات تعرقل أنشطتهم وتطفيشهم. مشيرًا إلى أن الهاشمي هو المعني بالإشراف على ما تسميه الجماعة إعلاميًا بالتوطين، وهو في الواقع احتكار السوق لصالح اقتصاد الجماعة.
وقال لـ«النقار» مصدر في مصنع الغزل والنسيج بصنعاء إن إعادة الجماعة تشغيل المصنع الهدف منه الاستفادة من آلات المصنع وبنيته التحتية، والحصول على موازنة تحت ذرائع الصيانة وإعادة التأهيل للمصنع، كاشفًا أن المصنع تحوّل إلى مجرد معمل خياطة، لافتًا إلى أن آلات النسيج أصبحت متهالكة وقديمة، مؤكدًا أن المصنع بحاجة إلى خطوط إنتاج حديثة.

وفيما يخص زراعة القمح في محافظة الجوف، أفاد «النقار» مصدر في مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب بصنعاء بأن هناك مساحات واسعة تم تخصيصها لزراعة القمح، لكن ما يُنتج لا يغطي حتى 5% من حاجة السوق من القمح، فضلًا عن ارتفاع سعره قياسًا بالقمح المستورد، حيث يصل سعر الكيس سعة 50 كجم إلى 20 ألف ريال، قياسًا بـ12 ألفًا للمستورد، لافتًا إلى أن نافذين في الجماعة يقومون بعمل اختناقات تموينية بهدف تصريف ما يتم تكديسه.

ولفت المصدر إلى أن الحارس القضائي صادر مساحات واسعة من أراضي الجوف، بمبرر أنها تتبع قيادات من الطرف الآخر، وقام بمنحها لنافذين في الجماعة لاستثمارها، بمقابل توريد نسب محددة إلى الوعاء الإيرادي الخاص بالجماعة.

وقال لـ«النقار» مصدران في مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب كانا على ارتباط بحسابات مزارع القمح في الجوف إن أغلب تلك المزارع صارت تُدار بعقود من الباطن، مبينين أنها أُجّرت لنافذين في الجماعة، وهم من قام بتأجيرها لآخرين بعد أن استولوا على مبالغ مالية باهظة من المال العام والمساعدات الدولية تحت يافطات التمكين الاقتصادي وتشجيع الإنتاج الزراعي.

وأفاد أحدهم أن كثيرًا من المزارع التي تديرها المؤسسة تُعد في حكم الفاشلة، نظرًا لحجم الفساد المهول فيها، ما اضطر إدارة المؤسسة لتأجير بعضها لمستثمرين مقربين من الجماعة، وتغيير إدارت بعضها، لكنها ما تزال تعاني، لافتًا إلى أن بعض المزارع تعاني من مشاكل في التربة بسبب غياب دور الإرشاد الزراعي.

وأكد المصدر الثاني أن صراعًا يدور بين مستوردي القمح من نافذي الجماعة، والنافذين المستثمرين لمزارع الجوف، بسبب الضغوطات التي يتعرض لها المستوردون لشراء ما يتكدس من القمح المحلي مرتفع السعر، ما يتسبب بحصول أزمات تموينية ترفع سعر القمح، كما حصل في سبتمبر الماضي.

مساعي الجماعة لتأسيس اقتصادها الخاص وتمكينه من حصة كبيرة في السوق المحلي، تحت يافطة تشجيع المنتج المحلي، بدأت تخلق ارتدادات سلبية داخل الجماعة، تتمثل في بروز مراكز نفوذ اقتصادية داخلها تتصارع فيما بينها على الحصص السوقية والإعفاءات الضريبية والجمركية بين نشاط وآخر، وهو ما سينعكس سلبًا على تماسك الجماعة مع مرور الزمن، وإن كانت بوادر هذا الصراع قد بدأت تظهر إلى العلن. ومن أبرزها ما حصل، الخلافات حول شحنات القمح المستوردة عبر ميناء الصليف، والتي بسببها مُنعت شركات مطاحن الدقيق من الاستيراد، من بينها شركة المحسن التي أصدرت بيانًا حمّلت فيه وزارة الاقتصاد مسؤولية أي أزمة في السوق.

شارك الخبر: