• الساعة الآن 10:58 PM
  • 14℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

فوق تربة هشة وبمخالفات متعددة وتحت حماية النافذين.. القصة السوداء لتوسع الابراج السكنية في صنعاء

news-details

 

النقار – خاص
ظهرت إلى الواجهة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مبانٍ سكنية متعددة الطوابق في العاصمة صنعاء بشكل لافت. وجاء إنشاء هذه المباني، التي تُعرف بـ«الأبراج»، كنوع من الاستثمار العقاري بعد الركود الذي ضرب سوق العقارات منذ العام 2019، خاصة في بيع وشراء الأراضي، بعد أن ارتفعت أسعارها بشكل خيالي عقب اندلاع الحرب.

وأفاد لـ«النقار» مصدران مطلعان على تراخيص إنشاء الأبراج السكنية في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، أن الجهات المعنية منحت 27 ترخيصًا لإنشاء أبراج سكنية منذ بداية العام 2024 وحتى نهاية أغسطس 2025، منها 18 ترخيصًا في محافظة صنعاء، والبقية في أمانة العاصمة.

وأوضح أحد المصدرين أن 14 برجًا من إجمالي 18 برجًا في محافظة صنعاء مخصصة لبيع الشقق بنظام الأقساط، وليس للتأجير، لافتًا إلى أن أسعار الشقق في الأبراج تتراوح بين (70–100) ألف دولار.

وخلال العامين الأخيرين أُثيرت قضية المواصفات والجودة والمخالفات لقانون البناء في إنشاء الأبراج، وتدخل نافذين كبار في الجماعة الحاكمة بصنعاء لمنع الجهات المختصة من الإشراف على المواصفات الفنية للبناء والتحقق من تطبيق قانون البناء رقم (19) لسنة 2002، وهي القضية التي كان قد أثارها في مجلس النواب بصنعاء وزير الأشغال العامة والطرق السابق، غالب مطلق، في جلسة عقدت في 19 فبراير 2023، معلنًا إخلاء مسؤولية وزارته من أي كوارث قد تحدث في تلك الأبراج.

وفي هذا السياق، كشف لـ«النقار» مصدر هندسي رفيع في قطاع الأشغال بوزارة النقل والأشغال العامة بصنعاء أن موظفي القطاع ومكاتبه في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء يُمنعون بشكل مستمر من دخول بعض الأبراج تحت الإنشاء للتحقق من المواصفات الفنية التي نص عليها قانون البناء، سواء ما يتعلق بالجانب الإنشائي أو التخطيطي.

وأشار إلى أن مسلحين يتواجدون في مداخل تلك الأبراج ويرفضون السماح بدخول موظفي ومهندسي الأشغال، ويطالبونهم بالحصول على إذن من مشرفين في الجماعة، خصوصًا في الأحياء الجنوبية من العاصمة التي تتبع إداريا محافظة صنعاء.

من جانبه، قال لـ«النقار» مهندس إنشاءات إن بعض مالكي الأبراج المخصصة لبيع الشقق يتفقون مع المقاولين والمكاتب الهندسية على تقليل الكُلف من خلال استخدام مواد بناء أقل جودة، وعدم الالتزام بالنِّسَب في خلطة الإسمنت، حيث يتم زيادة نسبة النيس في الخلطة، واستخدام حديد رخيص الثمن، فضلًا عن عدم الالتزام بأحجام ومساحات الغرف وغيرها من المواصفات الفنية، مؤكدًا أن ذلك يتم بحماية نافذين ومشرفين من الجماعة يمنعون مهندسي الأشغال من الإشراف على مراحل التنفيذ.

وفي سياق ذي صلة، كشف لـ«النقار» مهندس مدني أن هناك مخاوف كبيرة من إنشاء الأبراج السكنية في مناطق التربة الرخوة والقابلة للانزلاق، خصوصًا جنوب العاصمة، وبالتحديد في شارع الخمسين، لافتًا إلى أن بعض تلك الأبراج يتم إنشاؤها دون إجراء اختبارات التربة، وهو ما ينذر بكوارث مستقبلية، خاصة في مواسم الأمطار، حيث تنتفخ حبيبات التربة الغروية وتصبح قابلة للتحرك، ما يؤدي في أحسن الأحوال إلى تعرض المباني للتشقق. ونصح من يقومون بشراء شقق في تلك المباني بالحصول على استشارات فنية من مهندسين موثوقين قبل أن يقع الفأس في الرأس.

وحول أسعار الشقق في تلك المباني، حصل «النقار» على إفادات من مقاولين ومهندسين وعاملين في مجال العقارات، أكدت أن أسعار الشقق مبالغ فيها، وتكاد تكون مضاعفة عن السعر العادل، والذي ينبغي ألا يتجاوز (40) ألف دولار للشقة الواسعة المبنية على أدق المواصفات المعمول بها.

وكشفت لـ«النقار» مصادر مطلعة أن أغلب الأبراج السكنية المخصصة لبيع الشقق تتبع شركات عقارية لها ارتباطات بنافذين في الجماعة في مجال العقارات، وهم من وفروا لبعض تلك الأبراج أراضي من أملاك الدولة والأوقاف، وبعضهم صاروا مستثمرين في تلك المباني، وهم من رفعوا أسعار الشقق وثبتوها عند رقم خيالي يصل إلى 100 ألف دولار للشقة.

وأشارت المصادر إلى وجود عمليات نصب واحتيال يقع فيها بعض مشتري الشقق، حيث يتفاجأ البعض بأن الشقة الواحدة بيعت لشخصين، منوهة إلى أن كثيرًا من القضايا وصلت إلى القضاء.

وكشفت المصادر أن من أبرز نافذي الجماعة في السوق العقاري: محمد علي الحوثي، ومحمد مفتاح، وعبد الباسط الهادي، وعبد المجيد الحوثي، وأبو حيدر جحاف، وجميعهم يملكون شركات عقارية مسجلة بأسماء آخرين، أو شركاء مع مستثمرين يعملون في العقارات.

وأكدت المصادر أن هؤلاء النافذين هم من دفعوا لاستصدار قرار يقضي بتخصيص مساحات واسعة من أراضي الوقف والدولة في العام 2020 لحل مشكلة السكن في صنعاء، عن طريق بناء أبراج سكنية بدرجات مختلفة تتناسب مع دخل المستأجرين، غير أنه تم تجيير تلك الأراضي لبناء أبراج سكنية تخصص شققها للبيع على أقساط، في حين ما تزال مشكلة السكن قائمة.

وقال لـ«النقار» مصدر في هيئة التخطيط بصنعاء إن هناك مخالفات للمخطط الحضري للعاصمة صنعاء، تتمثل في تركز الأبراج السكنية، مبينًا أن بعض الأبراج أُنشئت في مناطق غير صالحة لإنشائها، لوقوعها في أحياء حدد المخطط أن تكون مناطق خدمية، كما هو الحال في شارع الخمسين وبيت بوس جنوب العاصمة، وبعضها أُنشئت في شوارع ضيقة، ما يؤدي إلى الضغط على الخدمات العامة كالمجاري والشوارع، وبعضها تفتقر لمواقف السيارات المناسبة، وتعتمد على حفر امتصاصية للتصريف، وأُنشئت في أماكن ملاصقة لمبانٍ أخرى ما يؤثر على أساسات المباني. مؤكدا أن إنشاء هذه الأبراج أنشئت دون أخذ رأي هيئة التخطيط، وأنه تم طرح الأمر على الحكومة في نهاية 2022، لكن نافذين ضغطوا لمنع مناقشة ما طُرح.

وفي الوقت الذي يُمنع فيه مهندسو الأشغال من الإشراف على مراحل إنشاء الأبراج، يُمنع ايضا مالكو بعض الأبراج من استكمال عمليات الإنشاء قبل دفع رسوم لسنوات قادمة. وفي هذا السياق أفاد «النقار» قريبٌ لأحد مالكي الأبراج السكنية جنوب صنعاء، وكان يشرف على متابعة الإنشاء، أنه سُجن لشهرين، وتم ايقاف البناء نتيجة رفض مالك البرج المغترب دفع رسوم زكوية وضريبية لخمس سنوات قادمة، مؤكدًا أنه لم يغادر السجن إلا بعد دفع رسومًا زكوية وضريبية لثلاث سنوات على أساس آخر رسوم دُفعت، وأنه ملزم بالاستيفاء في حال حصلت زيادة في الرسوم.

شارك الخبر: