• الساعة الآن 11:19 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الحياة مجازا وشعار الموت لمن

news-details

 

خاص - النقار
في كل شبر من صنعاء معاناة تمتد وأعمار تعاش كما يعاش اليأس. لا أفق ثمة حتى للحلم، فالحلم كذبة أخرى ككذبة الحياة نفسها التي يعيشها المواطن مجازا ويفتقدها حقيقة. 
لا حديث عن الحالة المعيشية للناس، ولا عما وصلوا إليه من بؤس. فالسلطة، بكل مكوناتها التي بلا مكونات، منشغلة بالحديث عن الانتصارات تلو الانتصارات ضد أمريكا وإسرائيل تأكيدا لشعارها الأبدي بأن الموت لهما، فيما الحياة الحقيقية هي تلك التي لا أحد يدري لمن هي بالضبط، هل لتلك الكائنات التي اسمها شعب بلا مرتبات ولا مقومات حياة، أم لبنية تحتية لشيء كان اسمه دولة فذهبت هي وذلك الشيء أدراج الرياح. إنما ليس مهما كل ذاك، المهم هو أن يستمر شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل حتى لو فني اليمنيون عن بكرة أبيهم. 
الوجوه شاحبة بلا ترقب أو انتظار، سوى متى يتم الإعلان عنه من أزمات قديمة جديدة: بترول، غاز، كهرباء، طحين، أرز.... والسلطة وحكومتها لا تقصران، فلو لم يكن ثمة من أزمة ستقومان باختراعها وإنتاجها، وذلك حتى لا يبقى للشعب من شيء سوى الانشغال بلقمة عيشه وتدبير أموره اليومية. 
حتى الأبواق التي لم يكن يسكت ضجيجها في الشوارع اكتسبت الشحوب ذاته، فالسيارات والشاحنات والباصات مركونة لأيام في طوابير لا تنتهي أمام هذه المحطة أو تلك تنتظر في خليط عجيب متى يحين دورها وتحصل على ما تيسر من بنزين وديزل. ينظر إليهم أصحاب باصات الغاز فيتوقعون دورهم قريبا، بحيث تكون الشوارع قد خلت إلا من أطقم الجماعة وزواملها المزمجرة.
وحدها الزوامل ومكبرات الصوت تضج بها الشوارع والحارات والأزقة، ملتزمة ببرنامج يومي تؤديه بإفراط يكاد يجعل من صنعاء مدينة بلا سمع. 
حالة فزع تنم عن جوع حقيقي لم يعد خافيا ولا مستخفيا، فالوجوه الشاحبة والعيون الغائرة المتعبة المحدقة في الفراغ انعكاس طافح لشبح مخيم اسمه الجوع، تعيشه البيوت وحدها، فلا يعود ينبعث منها سوى رائحة السبات. 
كل يوم يزداد أعداد المتسولين رجالا ونساء وأطفالا، وأينما التفت رأيت يدا تمتد نحوك مستجدية أن تجود عليها بما "كتب الله"، لكن لا أحد مهتما أو مكترثا، فالأطقم تمرق والخطابات تستعر والهتاف لا يهدأ: الموت لأمريكا الموت لإسرائيل.

شارك الخبر: