خاص - النقار | إدانات واسعة قوبل بها الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية التابعة لسلطة صنعاء ضد الصحفي محمد المياحي والقاضي بسجنه عاما ونصف العام وتغريمه مبلغ خمسة ملايين ريال بسبب منشوراته ضد جماعة الحكم في صنعاء.
نشطاء وحقوقيون وسياسيون وكتاب أدانوا الحكم واعتبروه سياسيا لا علاقة له بالقضاء، مشيرين إلى أن سلطة صنعاء تمعن في انتهاك الحقوق والحريات وتحويل القضاء إلى أداة للقمع.
شبكة النقار رصدت بعضا مما كتب عن الحكم الصادر بحق المياحي من قبل المحكمة الجزائية التابعة لسلطة صنعاء، حيث وصفه الكاتب والسياسي محمد المقالح بأنه حكم "سياسي لا قضائي وجائر لا علاقة له بالعدالة".
المقالح أكد أنه من الأفضل لسلطة صنعاء إطلاق سراح المياحي والاعتذار له لأنه لم يعمل شيئا سوى أنه طرح رأيه، مشيرا إلى أنها
"محاكمة باطلة أمام قضاء استثنائي".
بدوره، أكد القاضي عبدالوهاب قطران أن "ما جرى في قضية الصحفي سجين الرأي الأستاذ محمد المياحي، يكشف عن انتهاك فاضح لكل الضمانات الدستورية والقانونية، إذ لم يُحاكم أمام قاضيه الطبيعي، بل أُحيل إلى محكمة استثنائية غير دستورية تُدار منذ نشأتها حتى اليوم من قبل جهاز المخابرات، في انتهاك صريح لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية".
وأوصح قطران أنه "لم تُكفل للمياحي أدنى ضمانات المحاكمة العادلة، فقد عُقدت جلستان فقط للنظر في القضية، وتحددت الجلسة الثالثة بعد يومين فقط من الثانية، ليصدر الحكم المدبر ليلًا عبر الهاتف، دون استيفاء الحد الأدنى من شروط التقاضي السليم، في خرق فاضح لأبسط معايير العدالة".
وبخصوص إلزام المياحي تقديم تعهد وضمان مستقبلي بمبلغ خمسة ملايين ريال كشرط لعدم الكتابة مستقبلًا، حسب نص الفقرة الثانية من الحكم، أكد قطران أن "هذا ما لم تسبق إليه أي قريحة قضائية في تاريخ القضاء اليمني. فكيف يُعاقب المرء على نية مفترضة في المستقبل؟! وأين هذا من مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات؟".
القاضي عرفات جعفر اعتبر الحكم "سياسيا جائرا القصد منه تكميم وإسكات أصوات الاحرار بالداخل وإذلالهم بأساليب قمعية لم تحدث حتى في فلسطين المحتلة"، مشيرا إلى أن "الوطن لا يبنى بجدران السجون بل بنوافذ الحرية، والحرف لا يخيف دولة إلا إذا كانت تخشى الحقيقة".
أما الناشط مجدي عقبة فقد سخر مما أورده رئيس وكالة سبأ التابعة للجماعة نصر الدين عامر، والذي يصفه بـ"رئيس وكالة ناسا" من أن المياحي أخذ حقه في المحاكمة العادلة وكان له محام يترافع عليه وينشر وقائع المحاكمة بعد كل جلسة وأن قضيته ليست سياسية بل جنائية، بالقول إن "رئيس وكالة ناسا نسي أو تناسى ان المياحي لم يقدم للقضاء إلا بعد 7 أشهر من اختطافه وان الهدف من إحالته للقضاء بعد هذه المدة محاولة إضفاء طابع قانوني لجريمة الاختطاف والإخفاء القسري الذي تعرض له وأن المحكمة المختصة للنظر في قضيته هي محكمة الصحافة وليس الجزائية".
ورأى الناشط ماجد زايد أن "خطأ المياحي الأكبر ربما هو اختياره البقاء في صنعاء مع قدرته على مغادرتها، تمامًا كالكثيرين".
وأضاف زايد: "نحن الذين اخترنا البقاء في هذا الوطن على الرحيل منه، ندفع الثمن من حياتنا وأرواحنا. لقد كنا أكثر شجاعة من الآخرين حين رفضنا كل تلك المغريات، لكننا على ما يبدو سنندم بقية حياتنا".
وعلى طريقته، يرسم الروائي محمود ياسين مشهدا معبرا للتضامن مع المياحي بالقول: "اتصل محمد المياحي الآن، لم يكن يعرف ان امي قد رحلت، لم يدر كيف يعزيني فاختلط ألم الفقدان بلحظة التشبث بصديق، صديق لا أدري من أين أتى محمد بكل هذا التعويل عليه، ربما من اعتقاده أنهم يصغون إلي غالبا".
وأضيف ياسين: "كان صوته يشي بالتماسك وأن تجربة السجن قد أنضجته بطريقة ما، محتدما كعادته. وبقيت أوجه المكالمة صوب عقلانية من لم يعد بوسعه إلا أن يتعقل حتى وهو لا يجد ما يتشبث به غير القضبان. أنهى المحادثة هكذا: رحم الله امك حفصة بنت الحداد ، أنت من الآن لست أستاذي أنت أمي غنيمة، فقطعت وعدا بتخليصه من السجن وبنبرة ثقة أفزعتني وكأنني أبو علي الحاكم".
وختم بالقول: "كلماته تتردد في رأسي: أنت أمي غنيمة. وغنيمة الآن تسكنني ولا تدري كيف تفي بوعد قطعته لولدها القابع خلف القضبان".