• الساعة الآن 04:40 AM
  • 18℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الشيخ حنتوس.. ضحية صعدة التي تريد طلاء اليمن بمذهب واحد

news-details


لماذا استهدفوه؟ لأنه يدير دارًا لتحفيظ القرآن خارج نسقهم وأجندتهم وإملاءاتهم، ولأنهم يعتبرون أي تعليم ديني غير مؤدلج تهديدًا لعقيدتهم، ويرون أي فكر ديني لا يتبع مشروعهم خطرا عليهم. ذاك هو الأمر باختصار بالنسبة لما حدث طيلة السنوات السابقة بين الشيخ السلفي صالح حنتوس، مدير دار القرآن الكريم بمنطقة السلفية في محافظة ريمة، وبين جماعة مدججين بسلطة قمعية وقوات أكثر إيغالا في الدم والهدم والنفي لكل ما يخالفها لا ينسجم مع توجهها، متمتعة بمسمى يعفيها من كل شيء: أنصار الله. 
بحسب مراقبين، فإن ما فعلته جماعة أنصار الله بالجماعة السلفية يتجاوز إطار الصراع الفكري المتعارف عليه في التاريخ بين الجماعات الدينية منذ قرون، ويتخذ سمة صراع وجودي، بدءا بتهجير السلفيين من منطقة دماج بصعدة وإغلاق مراكزهم في ذمار، والتضييق عليهم في كل مكان وبكل السبل، مؤكدين أن هذا الظلم والتضييق المستمر اللذين طالا السلفيين من قبل أنصار الله هما التعبير الحقيقي عن النهج المتطرف للجماعة في تلوين اليمن كلها بصبغة صعدة. 
وما حدث في منطقة السلفية بمحافظة ريمة هو في نفس السياق، ففي مكان ما من تلك المديرية يقبع مركز ديني لتعليم القرآن الكريم يديره شخصية تربوية سلفية تحظى باحترام أبناء المنطقة وتسعى لأداء رسالتها الدينية وفقا لما تؤمن به وتعتقده. 
قبل أربع سنوات جاءت جماعة أنصار الله بمدججيها ومشرفيها ومن ورائهم السلطة في صنعاء إلى المنطقة تحت مزاعم أن دار القرآن الذي يديره حنتوس يحوي أسلحة ومتفجرات. فتحه لهم بكل رحابة صدر ليفتشوه كما يريدون. فتشوا وفتشوا، فلم يجدوا حتى قطعة سلاح واحدة. لكنهم مع ذلك قاموا بإغلاق الدار قائلين لحنتوس: درس في المسجد.
وبذلك كان للجماعة أن تستعرض عضلاتها على أبناء السلفية وعلى الشيخ صالح حنتوس، وتقوم بإغلاق دار تحفيظ القرآن واحتلال السكن الداخلي التابع للمركز، مع ما صاحب ذلك بطبيعة الحال من تهديدات لحنتوس، تارة بالاعتقال وأخرى بالقتل وثالثة بنسف المركز والمنزل وكل ما له علاقة به حتى الجامع نفسه الذي ألزموه بالتدريس فيه. 
‏‎‎ثم ماذا؟ لا شيء سوى أن الجماعة بعد أربع سنوات من إغلاق الدار واحتلال سكنه الداخلي ستعود إلى حنتوس بمدججيها ومشرفيها، طالبة منه إيقاف تعليم القرآن في المسجد وتسليم نفسه. لماذا؟ هكذا مزاج! 
لكن الرجل، بحسب أبناء المنطقة، أصر على موقفه ممتلكا ما يكفي من الشجاعة لأن يستمر في أداء رسالته في المسجد، ومفضلا الموت على أن يقوم بتسليم نفسه وهو أصلا لم يرتكب جرما ولا أحدث ما يستدعي تسليم نفسه.
حينها، كان للجماعة أن تستعرض عضلاتها أكثر وأن تشن صباح الثلاثاء الأول من يوليو 2025 حملة كبرى على الشيخ حنتوس، مخاصرة منزله ومباشرة قصفه بالقاذفات دون اعتبار لمن في داخل المنزل من نساء وأطفال، وسط أنباء عن مقتل حنتوس وإصابة زوجته وعدد من أفراد أسرته. 
هكذا تكون الجماعة قد شفت غليلها من شيخ سلفي كل ذنبه أن لديه حلقة أو دارا لتحفيظ القرآن الكريم، ليصبح المشهد تجسيدا حقيقيا لما يرتكبه الصهاينة في فلسطين المحتلة ضد السكان وأصحاب الأرض، ويكون القياديان فارس روبع وفؤاد الجرادي المشرفان على الحملة التي استهدفت حنتوس وفق الطريقة المتبعة للصهاينة، قد انتظرا مجيء الجمعة للخروج إلى الساحات والتنديد بالجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين من قتل وتدمير وتفجير منازل.

شارك الخبر: