• الساعة الآن 01:06 PM
  • 27℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

"الجمهورية الفانية"

news-details

محمد العلائي
في عنوان كتابي "الجمهورية الفانية" (2021م)، لا يقتصر معنى كلمة "جمهورية" على النظام السياسي فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى الدولة، أو الكيان الوطني.
إذ إنّ الفناء والتلف في اليمن -كما نعلم- قد أصابا النظام السياسي والدولة معاً، سواءً بعودة النقيض التاريخي للجمهورية، أو بالتجزؤ والعنف والاختلال الشامل. 
ولست أول من يستخدم اللفظ بهذا المعنى المزدوج، 
فقد كان جون لوك مثلاً ينبّه إلى أنه يستخدم كلمتي "دولة" و"جمهورية" بمعنى واحد، هو الجماعة السياسية المستقلة، وأنه لا يقصد بكلمة "جمهورية" أيّ شكل من أشكال الحكم.
حتى عنوان كتاب أفلاطون الشهير ليس الجمهورية (ريبوبليكا) كما شاع، بل Politeia (بوليسيا)، وهناك من يفضل ترجمته حرفياً بعبارات مثل " في المدينة" أو "في الدولة"، 
أو ترجمته دلالياً بـ "السياسة"، وهذه هي الكلمة التي اختارها ابن رشد في عنوان شرحه لكتاب أفلاطون: جوامع سياسة أفلاطون.
أما الترجمة الشائعة للعنوان بـ "الجمهورية"، فقد جاءت من المجال الثقافي اللاتيني الروماني، بدءاً من شيشرون، ولم تأتِ من الأصل الإغريقي. 
وقد تسبّب هذا العنوان في سوء فهم دائم، إذ يظن كثير من الناس أن أفلاطون كان جمهوري النزعة، وهذا غير صحيح.
أفلاطون لم يكن جمهورياً بالمعنى الذي نفهمه اليوم من هذه الكلمة، ولم يكن ديمقراطياً بأي وجه من الوجوه.
بل يمكن أن يقال بثقة إن أفلاطون كان من أشد منتقدي الديمقراطية، منحازاً لرؤية تراتبية نخبوية للدولة والحكم، لا تقيم الاعتبار لرأي العامة أو مشاركة الشعب.
 

شارك المقال: