حسن الوريث
أحد مدراء المدارس الخاصة فوجئ اليوم وهو خارج من المدرسة بثلاثة عساكر فوق طقم أمني يطلبون منه الصعود بحجة عدم تسديد الضرائب والزكاة والتأمينات الاجتماعية وعبثا حاول إقناعهم أن هذا الأسلوب الهمجي أسلوب عصابات وليس أسلوب دولة وحكومة تحترم نفسها وشعبها. وإذا كان ولا بد فإن المفروض ان تكون هناك إجراءات لابلاغ إدارة المدرسة بتسديد ما عليها لهذه الجهات.
وقد ذكرني هذا الأسلوب بما شاهدته أنا في إحدى المدارس الخاصة حيث هجم أفراد يدعون أنهم من الضرائب ويطلبون من إدارة المدرسة تسديد الضريبة أو إغلاق المدرسة وبعد مفاوضات تم تأجيل الموضوع، بعد أن دفعت الإدارة لهم أجرة الطقم. وأعتقد أن هذا الأسلوب نشاهده بشكل يومي ليس في المدارس الخاصة ولكن في المحلات التجارية والمطاعم والفنادق والدكاكين. فعساكر الزكاة والضرائب والأشغال وصحة البيئة والسياحة والمجالس المحلية وكافة الجهات يجوبون الشوارع والمحلات، وكل منهم لديه حجته بعدم تسديد رسوم الجهة التي يتبعها والتهديد. أما الدفع أو الإغلاق... وهكذا تستمر الحكاية.
طبعا هذا الأسلوب الهمجي الذي تنتهجه الجهات الحكومية الإيرادية يعبر عن أسلوب عصابات وبلطجة، ويؤكد أننا فعلا مازلنا بعيدين كل البعد عن بناء دولة حقيقية، بل إن ذلك أجبر كثيرا من أصحاب المحلات التجارية والمطاعم والفنادق والدكاكين والبوفيهات على الإغلاق والبعض منهم هاجر إلى بلدان أخرى وجدوا فيها بيئة مناسبة للاستثمار بعيدا عن أساليب البلطجة واللصوصية والعصابات وعساكر الدولة والحكومة في بلادنا.
التساؤلات التي تفرض نفسها هنا.. هل ينتشر هؤلاء العساكر بتوجيهات من الجهات الحكومية المعنية أم أنهم يعملون من تلقاء أنفسهم؟ وفي كلتا الحالتين فإن هناك فعلا خللا يجب تلافيه ووضع آليات عمل محترمة بعيدا عن أساليب البلطجة واللصوصية والعصابات؟ وهل تعرفون أن هذه الأساليب والوسائل لا تشجع أحدا على الاستثمار في البلاد وتجعل كثيرا من المستثمرين يهربون إلى بلدان أخرى؟ وهل يمكن أن يتم ابتكار نافذة واحدة لكافة الأجهزة الحكومية يتم من خلالها إجراء أي معاملة وتسديد كافة الرسوم والحصول على التراخيص اللازمة والاستغناء عن أساليب البلطجة واللصوصية والعصابات وإرسال العساكر بهذه الصور المشينة والمزرية والمخزية؟ وهل هناك نية حقيقية لبناء دولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية أم أن الأمر لايعدوا كونه شعارات في شعارات لخداع الناس وتضليلهم؟ فهل وصلت الرسالة وسيتم القضاء على هذه الظاهرة ومنع كل مظاهر الابتزاز والبلطجة سواء من الجهات الحكومية المعنية مثل الزكاة والضرائب والأشغال وصحة البيئة والسياحة والمجالس المحلية أو من العساكر الذين يسيئون للدولة والحكومة بهذه التصرفات؟ أم أن الأمر سيبقى كما هو بلطجة وعصابات ولصوصية وحكومة كراتين تساهم في هروب رأس المال الوطني إلى بلدان أخرى لأنه لم يجد الأمن والأمان في بلده؟