• الساعة الآن 11:18 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

السودان: معارك طاحنة في كردفان والفاشر

news-details

ما زالت المعارك والمواجهات العسكرية الشرسة بين الجيش السوداني وحلفائه من جانب وقوات الدعم السريع من جانب آخر محتدمة على محوري شمال كردفان ودارفور، ففي وقت تواصلت المعارك الطاحنة بمنطقتي أبو قعود وأم صميمة بشمال كردفان، لليوم الرابع على التوالي، تصاعدت الهجمات العنيفة على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور. وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش والقوات المشتركة واصلت تقدمها بتغطية جوية من سلاح الطيران في منطقتي أم صميمة وأبو قعود بشمال كردفان، وسط معارك واشتباكات دامية أسفرت عن خسائر بشرية ومادية فادحة، وأوضحت المصادر نفسها أن القوات المشتركة تصدت لهجوم مباغت من قبل "الدعم السريع" في منطقة أبو قعود، ثم نفذت التفافاً تكتيكياً ناجحاً على هذه القوات وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

تدمير التعزيزات

أشارت المصادر نفسها إلى استهداف مقاتلات الجيش الجوية تعزيزات بشرية ومادية كانت قادمة من منطقتي شمال بارا وكازقيل، قبل وصولها إلى خطوط المواجهات لإسناد "الدعم السريع" في معارك أبو قعود وأم صميمة، ما اضطرها للتراجع نحو مدينتي الخوي والنهود بعد اشتداد الضغط العسكري عليها. كما استهدفت الغارات الجوية تجمعات لـ"الدعم السريع" شرق مدينة الخوي.

تكتيك وخسائر

في المقابل، قالت "الدعم السريع" إن قواتها أوقعت بالجيش والقوات المساندة له خسائر مهولة قرب منطقة أبو قعود، وأوضحت على منصاتها بوسائل التواصل الاجتماعي أن العمليات التكتيكية التي نفذتها قواتها كبدت الجيش وحلفاءه خسائر بشرية فادحة استولت، خلالها، على كميات كبيرة من الأسلحة والمركبات القتالية.

ومنذ الخميس، يشهد محور شمال كردفان بمناطق أم صميمة وأبو قعود، غرب مدينة الأبيض عاصمة الولاية معارك شرسة.

ووصف حاكم إقليم دارفور رئيس "حركة تحرير السودان" والمشرف على القوات المشتركة مني أركو مناوي ما تحقق في محور كردفان بأنه ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو رسالة واضحة بأن السودان باق كوطن موحد على رغم كل المحن.

من جانبه أشاد وزير المالية رئيس "حركة العدل والمساواة" السودانية جبريل إبراهيم بالانتصار الكبير الذي حققه الجيش في كردفان "عقب عملية عسكرية ناجحة خلف خطوط العدو أسفرت عن السيطرة على متحرك للميليشيات بكامل عناصره وعتاده".

أكثر من هجوم

في محور شمال دارفور جددت "الدعم السريع" هجماتها، وأوضحت مصادر ميدانية أن المدينة شهدت اشتباكات عنيفة وقصفاً مكثفاً، أعقبته فترة قصيرة من الهدوء، إلا أن المعارك سرعان ما اندلعت مجدداً في المحور الشمالي تزامناً مع هطول أمطار غزيرة بالمدينة. ولفتت المصادر إلى أن مدفعية الفرقة السادسة - مشاة بالفاشر لعبت دوراً حاسماً في كبح هجمات "الدعم السريع" وإفشال محاولاتها للتسلل إلى عمق المدينة من خلال القصف العنيف والمركز لتجمعات عناصرها ومتحركاتها.

انتصار جديد

وأعلنت القوات المشتركة في بيان عسكري عن تمكنها مع قوات الجيش والمقاومة الشعبية من تحقيق انتصار جديد بمدينة الفاشر، وأكد البيان أنه على رغم كثافة النيران وتعدد محاولات التسلل، فإن الفاشر أثبتت أنها لا تزال حصناً ورمزاً للصمود، وأن القوات المشتركة خاضت مع الجيش معركة حاسمة انتهت بتكبيد العدو خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، والسيطرة على مواقع استراتيجية كانت تستخدم كمراكز للهجوم والنهب.

من جانبها أكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن قوات الجيش والمشتركة لا تزال تسيطر بصورة كاملة على مطار الفاشر ومحيطه، ولا صحة لما يتردد حول سيطرة "الدعم السريع" عليه.

وكانت منصات بوسائل التواصل الاجتماعي تابعة لـ"الدعم السريع" بثت أنباء تتحدث عن سيطرة قواتها على مطار الفاشر واقترابها من مقر الفرقة السادسة للجيش بالمدينة.

ويمثل مطار الفاشر أحد المواقع الحيوية والاستراتيجية في دارفور، ويعد حلقة وصل بين المدينة وبقية ولايات البلاد، فضلاً عن كونه نقطة إمداد رئيسة.

ومنذ أكثر من أسبوع صعدت "الدعم السريع" هجماتها متعددة المحاور على الفاشر مستهدفة اختراق عمق المدينة والوصول إلى قيادة فرقة الجيش بعاصمة شمال دارفور، التي تمثل آخر عواصم إقليم دارفور التي يسيطر عليها الجيش، بعدما كانت سيطرت، منذ أشهر على عواصم ولايات الإقليم الأربع الأخرى، شرق وغرب وجنوب ووسط دارفور.

الجوع والمرض

وتتفاقم معاناة مدينة الفاشر التي ينهشها الجوع والمرض بسبب الحصار المفروض عليها منذ أكثر من 15 شهراً، ويستمر التفشي المخيف لوباء الكوليرا في مناطق عديدة بدارفور، لا سيما في معسكرات النازحين ومخيمات الإيواء المكتظة، وسط تزايد مطرد لمعدلات الإصابة.

وبحسب آخر تحديث للمنسقية العامة للنازحين بدارفور، فقد تجاوزت الحالات اليومية التراكمية منذ تفشي المرض في دارفور 7538 إصابة، وارتفعت الوفيات إلى 322، وناشدت المنسقية منظمة الصحة العالمية والمؤسسات المعنية إلى اتخاذ تدابير عاجلة.

انفراج نسبي

في جنوب كردفان شهدت أزمة المواد الغذائية في مدينة كادوقلي عاصمة الولاية انفراجاً نسبياً بعد وصول المواد الغذائية إلى أسواق المدينة في الأيام الماضية. وتعيش المدينة منذ أشهر عدة ندرة حادة في السلع الغذائية الأساسية مع ارتفاع جنوني في الأسعار بسبب الحصار الذي تفرضه "الدعم السريع" وحليفتها قوات الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، بإغلاق الطريق القومي الرابط بينها وبين ولاية شمال كردفان.

وأوضح متطوعون ناشطون أن بعض البضائع والمواد الغذائية الأساسية وصل إلى أسواق المدينة بعد شح وانقطاع استمر نحو خمسة أشهر بسبب إغلاق الطرق. ولفت المتطوعون إلى أنه، على رغم أن وصول البضائع أسهم في تراجع نسبي لأسعار بعض السلع الحيوية، فإن هناك كثيراً من الأسر لا تزال غير قادرة على شراء حاجاتها من السلع الضرورية نتيجة فقدان معظمها لمصادر دخلها.

وقف الحرب

في الأثناء دعت "حركة تحرير السودان" بقيادة عبدالواحد محمد نور، مجدداً، أطراف حرب السودان إلى وقف القتال فوراً وفتح الممرات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات إلى المدنيين المتضررين في مختلف أنحاء البلاد. وقال بيان للحركة بمناسبة الذكرى الـ24 لتأسيسها إن السودان يواجه أسوأ كارثة إنسانية منذ عقود نتيجة الحرب التي دمرت البنية التحتية للبلاد وأدت إلى نزوح الملايين مع ارتفاع أعداد القتلى والمصابين. وأكدت الحركة أن استمرار العمليات العسكرية يعرقل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفئات الأكثر تضرراً، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من المجتمع الإقليمي والدولي لدعم الشعب السوداني في مواجهة تداعيات الحرب.

وشدد البيان على تمسك الحركة الكامل بمبدأ الحياد، وعدم انحيازها لأي من طرفي النزاع، وأنها ترى أن المخرج الوحيد من الأزمة يكمن في تشكيل جبهة وطنية واسعة تضم القوى السياسية والتنظيمات التي تؤمن بالتغيير بهدف إنهاء الحرب ومعالجة جذور الأزمة السودانية عبر حوار داخلي شامل بين السودانيين أنفسهم، باستثناء حزب المؤتمر الوطني وواجهاته.

تشديد أممي

أممياً، شدد المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان جيرمي لورانس على ضرورة الوقف الفوري للهجمات الوحشية غير المقبولة التي شنتها "الدعم السـريع" على مدينة الفاشر المحاصرة ومعسكر أبو شوك للنازحين المجاور لها.

وتشير إحصاءات لغرف الطوارئ وتنسيقيات لجان المقاومة إلى أن تلك الهجمات أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 89 مدنياً خلال 10 أيام حتى الـ20 من أغسطس (آب) الجاري.

وأعرب لورانس في المؤتمر الصحافي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف عن خشيته من أن يكون العدد الفعلي للقتلى المدنيين أعلى من ذلك على الأرجح. وعبر المتحدث باسم المفوضية عن شعوره بالفزع بصورة خاصة "من أن بين أحدث موجة من عمليات قتل المدنيين، يبدو أن هناك 16 حالة كانت إعداماً بإجراءات موجزة، وأن معظم الضحايا قتلوا في مخيم أبو شوك، وهم ينتمون إلى قبيلة الزغاوة الأفريقية"، ولفت لورانس "إلى أنه في حالة أخرى في منطقة الفاشر، سئل أحد الضحايا عن القبيلة التي ينتمي إليها، وقتل بعدما رد بأنه من قبيلة البرتي الأفريقية"، مشيراً إلى هذا النمط من الهجمات على المدنيين والقتل العمد، يشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ويعمق مخاوفنا في شأن العنف ذي الدوافع العرقية.

حرج في كولومبيا

دبلوماسياً، سلم المندوب الدائم لكولومبيا بمقر البعثة الدائمة بجنيف السفير غوستافو قالون مذكرة رسمية للمندوب الدائم للسودان حسن حامد تؤكد اهتمام كولومبيا وتكثيف إجراءاتها على المستوى الوطني والدولي، بما في ذلك مع الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية من أجل التصدي لظاهرة انخراط المرتزقة الكولومبيين في صفوف "الدعم السريع"، وأعرب قالون عن الحرج البالغ إزاء المأزق الذي تواجهه حكومة بلاده في شأن المرتزقة الذين يشكلون مصدر قلق وعدم استقرار حتى بالنسبة إلى كولومبيا، لكون أن هؤلاء المرتزقة ليسوا تحت سيطرتها.

وكان مندوب السودان الدائم لدى جنيف قدم بمقر البعثة الدائمة الكولومبية بجنيف، تنويراً مدعوماً بمقاطع فيديو لنظيره الكولومبي بحضور مسؤولي البعثتين.

شارك الخبر: