• الساعة الآن 09:16 PM
  • 22℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

السودان: مواجهات عنيفة جنوب الفاشر

news-details

تصاعدت وتيرة المواجهات في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أمس الثلاثاء، لا سيما من جانب الجيش السوداني الذي شن هجوماً مدفعياً وجوياً بالطيران المسير على تجمعات "الدعم السريع" المتمركزة في المحور الجنوبي للمدينة، مما أحدث انفجارات قوية في مواقع عدة، فضلاً عن سقوط عدد من القتلى في صفوف الأخيرة.هذا التصعيد العنيف جاء نتيجة طبيعية لنجاح الجيش في تنفيذ عملية إسقاط جوي تشمل أسلحة وذخائر ومؤن غذائية وغيرها للمرة الأولى منذ إسقاط "الدعم السريع" طائرة عسكرية في محيط الفاشر في الثالث من أبريل (نيسان) الماضي، وهو مؤشر قد يؤدي إلى تغيير ميزان القتال لصالح الجيش، فضلاً عن إمكانه الصمود لأطول فترة ممكنة، وفق مراقبين عسكريين.وبحسب مصادر عسكرية، فإن عشرات من عناصر "الدعم السريع" تسللوا عند الصباح الباكر باتجاه المحور الجنوبي، لكن الجيش تمكن من صدهم وتدمير عدد من مركباتهم القتالية، في وقت قتل ستة أشخاص وأصيب 24 آخرين في قصف مدفعي شنته "الدعم السريع"، على مركز إيواء مكتظ بالنازحين يقع غرب المدينة.وأشار شهود إلى أن نحو ثلاث قذائف مدفعية شديدة الانفجار سقطت في المركز، بالتزامن مع تقديم المتطوعين وجبة فطور لآلاف الجوعى من النساء والأطفال وكبار السن، إذ أحدث القصف دماراً واسعاً طاول مواقع سكن النازحين، كما أنه دمر المطبخ بالكامل.ويعد الموقع المستهدف أحد أكبر المراكز التي تأوي آلاف النازحين الفارين من أحياء الفاشر المختلفة ومعسكرات زمزم وأبو شوك وقرى غرب المدينة وجنوبها، عقب توغل "الدعم السريع" في عدد منها مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ يعتمدون في غذائهم على ما توفره المطابخ الجماعية من طعام. وبلغ سوء الوضع الإنساني في الفاشر أشده، في ظل منع "الدعم السريع" تدفق الإغاثة والسلع والأدوية إلى المدنيين المحاصرين هناك منذ أكثر من عام.

ممرات آمنة

في الأثناء، طالبت منظمات وجهات مدنية وإنسانية محلية بضرورة الإسراع في إنشاء ممرات إنسانية آمنة لإجلاء 260 ألف شخص محاصرين في الفاشر، بينهم 130 ألف طفل.وبينت هذه المنظمات والجهات في بيان مشترك أن الوقت ينفد أمام المدنيين، مع استمرار الحصار المفروض على هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، إذ تستخدم قوات "الدعم السريع" التجويع كسلاح حرب عبر منع دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.ونوه البيان إلى أن "الدعم السريع" أقامت أكثر من 38 كيلومتراً من الحواجز الترابية على أطراف المدينة، للتحكم في حركة السكان من جميع الاتجاهات من الفاشر وإليها.وأشار البيان إلى أن العجز الدولي في الاستجابة للأزمة يفاقم الخسائر في الأرواح، فضلاً عن أن البيانات والإدانات اللفظية وحدها لن تنقذ المدنيين، بينما يظل التحرك الفعال من المجتمع الدولي قادراً على وقف المجازر.

رفع الحصار

من جهتها، قالت منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان (أوشا)، إن المدنيين في مدينة الفاشر يحتاجون إلى الحماية والممر الآمن بصورة عاجلة. وأكدت المنسقية، في بيان على منصة "إكس"، ضرورة رفع حصار الفاشر، وإنهاء الهجمات العشوائية على المدنيين في الأحياء السكنية. وأشار البيان إلى أنه مع اشتداد القتال، يجب ضمان وصول المساعدات الإنسانية لإنقاذ الأرواح، لافتاً إلى أن المدنيين في الفاشر يواجهون خيارات مستحيلة، إذ يظلون محاصرين بالمدينة، أو يحاولون الفرار، ليواجهوا العنف والمضايقات والنهب على طول طرق غير آمنة.

وأوضح البيان أن التنسيقية تلقت تقارير عن عمليات قتل غير قانونية واختطاف واحتجاز تعسفي، إلى جانب هجمات عشوائية على الأسواق والمستشفيات وأماكن العبادة.

Civilians in El Fasher urgently need protection and safe passage.As fighting intensifies, humanitarian access must be guaranteed to save lives.Read the full statement

— UN OCHA Sudan (@UNOCHA_Sudan) September 29, 2025حشد القوة

في محور كردفان، يعمل طرفا القتال على تعزيز خططهما العسكرية وحشد أكبر قوة من المشاة استعداداً للمعارك الفاصلة، خصوصاً بعد توقف هطول الأمطار الذي كان يشكل عائقاً في التحركات البرية. وواصل طيران الجيش شن غاراته مستهدفاً تمركزات "الدعم السريع" في مناطق أبو زبد والخوي بولاية غرب كردفان، وجنوب أم صميمة الواقعة غرب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، فضلاً عن اعتراض مركبات قادمة من دارفور في منطقة ود بندة، مما أسفر عن تدمير عدد من المركبات القتالية.ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن الجيش يخطط للزحف لاستعادة بلدة جبرة الشيخ بولاية شمال كردفان، ذات الموقع الاستراتيجي، إضافة إلى السيطرة على مدينتي الخوي والنهود بغرب كردفان، ومن ثم التقدم نحو الدبيات بجنوب كردفان لفتح الطريق بين الدلنج والأبيض وكادوقلي وأبو زبد، مع تعزيز الحضور العسكري في النواحي المجاورة.

أمراض ووفيات

في المحور نفسه، تدهورت الأوضاع الصحية في مدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان جراء تفشي الأمراض، إذ تجاوز عدد الوفيات بسبب الكوليرا 500 حالة وفاة، تركزت معظمها في محليتي كادقلي والريف الشرقي، وفقاً لمصادر طبية. وأشارت المصادر إلى أن المدينة شهدت الأسابيع الماضية ارتفاعاً مقلقاً في معدل الوفيات اليومية الذي تراوح بين 10 إلى 15 حالة يومياً، وسط انعدام شبه كامل للأدوية الضرورية، وعلى رأسها المحاليل الوريدية التي لا تتوفر إلا في الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة تصل إلى 50 ألف جنيه سوداني (14 دولاراً) للدرب (القنينة) الواحد.وبينت المصادر ذاتها أن المستشفيات الحكومية في المدينة تكاد تخلو من أبسط الخدمات العلاجية، إذ لا تتوفر فيها الأدوية ولا المحاليل المعملية ولا حتى مواد التخدير، مما يضاعف معاناة النساء في عمليات الولادة. وأكدت أن الخدمات الطبية متاحة فقط في العيادات الخاصة وبأسعار مرتفعة لا يقدر عليها غالبية السكان، إذ يتراوح أعلى راتب وظيفي حالياً ما بين 150 ألف جنيه سوداني (42 دولاراً) إلى 200 ألف جنيه سوداني (56 دولاراً).ولفتت تلك المصادر إلى أن الوضع الصحي في كادقلي مرشح لمزيد من التدهور، إذ إن المواطنين يعانون ضعفاً عاماً في المناعة، بسبب الجوع ونقص العناصر الغذائية والسوائل، إلى جانب انتشار أمراض مثل الملاريا في ظل انعدام تام لعلاجها، فضلاً عن شح المضادات الحيوية ومخفضات الحرارة، وهو ما يجعل المدينة أمام أزمة صحية ومعيشية مزدوجة تهدد حياة آلاف من سكانها.

فيضان النيل

من جهة أخرى، أفادت وزارة الري في السودان بأن مناسيب الأنهر وصلت إلى مرحلة الفيضان في ست ولايات، متوقعة استمرار ارتفاع المناسيب خلال هذا الأسبوع، على رغم انخفاض إيراد النيل الأزرق.وذكرت الوزارة في بيان أن "مناسيب الأنهر بلغت الفيضانات في ولايات النيل الأزرق وسنار والجزيرة والخرطوم ونهر النيل والنيل الأبيض"، وأوضحت أن محطة ود العيس في سنجة بولاية سنار بلغ منسوبها 17.5 متر مقتربة من مرحلة الفيضانات بـ15 سنتيمتراً، فيما بلغ منسوب محطة ود مدني بولاية الجزيرة 19.91 متر، وهو مرحلة الفيضانات، في حين بلغ منسوب محطة الخرطوم 17.33 متر، متجاوزاً مرحلة الفيضان التي تبلغ 16.50 متر، في وقت وصل منسوب محطة شندي إلى 17.96 متر، متخطياً منسوب الفيضان الذي يحدث عند 17.60 متر.وبحسب البيان، فإن منسوب محطة عطبرة وصل إلى 15.66 متر، مقترباً من منسوب الفيضان عند 15.78 متر، فيما بلغ منسوب محطة مروي 18.10 متر، من دون أن يصل إلى مرحلة الفيضان البالغة 19.22 متر، بينما وصل منسوب محطة دنقلا إلى 14.90 متر، إذ يحدث الفيضان عند 15.22 متر.وتوقع البيان استمرار ارتفاع المناسيب في جميع ضفاف النيل خلال هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن إيراد النيل الأزرق انخفض إلى 633 مليون متر مكعب، كما انخفض تصريف سد الروصيرص إلى 540 مليون متر مكعب، بينما ارتفع تصريف سد سنار إلى 706 ملايين متر مكعب، في حين تجاوز تصريف خزان جبل أولياء 134 مليون متر مكعب، بينما تخطى تصريف سد مروي 750 مليون متر مكعب.ويعاني السودان في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) من كل عام فيضانات تودي بحياة عشرات وتلحق أضراراً بالمنازل والحقول الزراعية، نظراً إلى ضعف البنية التحتية التي تعرضت إلى تدمير واسع في النزاع القائم.

شارك الخبر: