النقار- خاص
اعترفت المؤسسة اليمنية العامة لصناعة وتسويق الإسمنت بصنعاء، في بيان رسمي صدر الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، أن استيراد شحنة الإسمنت الباكستانية تم بقرار رسمي صادر عنها، مبررة ذلك لتغطية النقص في السوق المحلية الناتج عن توقف مصنعي إسمنت عمران وباحل.
والمثير للغرابة في البيان تبرير المؤسسة لاستخدام شعار وهوية "مصنع إسمنت عمران" على هذه الشحنة، واعتبار ذلك إجراءً تجاريًا رسميًا وشفافًا، وهدفه حماية المستهلك اليمني والحفاظ على الثقة الراسخة بالعلامة التجارية لمصنع إسمنت عمران.
وفي هذا السياق، اعتبر مصدر قانوني أن ما ورد في البيان يعد اعترافًا بالتزوير، المجرم قانونًا، إذ إن قانون العلامات التجارية رقم (23) لسنة 2010، لا يُسمح إطلاقًا بوضع علامة تجارية مسجلة لمنتج معيّن على منتج آخر مشابه، حتى وإن كان المنتج الثاني محلي الصنع أو يشبهه من حيث الشكل أو الاستخدام.
وأكد المصدر لـ"النقار" أن المادة (4) من قانون العلامات التجارية اليمني نصت على: «تُعد العلامة التجارية وسيلة لتمييز بضائع أو خدمات شخص طبيعي أو اعتباري عن بضائع أو خدمات غيره»، والمادة (45) نصت على: «يُعدّ تعديًا على الحقوق المترتبة على العلامة التجارية المسجلة كل استعمال أو تقليد أو وضع لتلك العلامة على منتجات مشابهة أو مماثلة بقصد الإيهام أو الغش أو تضليل الجمهور».
وتساءل المصدر مستغربًا: كيف اعتبر بيان المؤسسة أن استخدام شعار وهوية "مصنع إسمنت عمران" على هذه الشحنة إجراءً تجاريًا رسميًا وشفافًا، يهدف إلى حماية المستهلك اليمني والحفاظ على الثقة الراسخة بعلامة "اسمنت عمران"، وتأكيدًا على إشراف المؤسسة الكامل على جودة المنتجات التي تقوم بتوريدها أو الإشراف عليها؟!
ولفت المصدر إلى أن ما حصل "غش" يستوجب المساءلة القانونية، ما يتوجب على النائب العام القيام بدوره القانوني في حماية المجتمع من الغش والتزوير.
وأفاد "النقار" مصدر في هيئة المواصفات بصنعاء أن الشحنة لم تخضع للفحوصات من قبل الهيئة، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي مختبر تابع للهيئة في ميناء الصليف لفحص الإسمنت.
وبين المصدر أن ما أشارت له المؤسسة في بيانها من أن "الاختبارات التي تمت أثناء الاستخدام أظهرت أن قوة الإسمنت تفوق القوة المطلوبة بمعدلات عالية" يفضح المؤسسة، فالاختبارات لا تتم أثناء الاستخدام، وإنما عند وصول الشحنة، لافتًا إلى أن نتائج الاختبارات هي الشرط الأساسي لدخول الشحنة من عدمه، معتبرًا أن هذا الحديث ينم عن جهل بالمواصفات والمقاييس، موضحًا أن كل مادة لها مقاييسها الرقمية الدقيقة، والتي لا يمكن أن تتغير.
وكشف لـ"النقار" مصدر في ميناء الصليف أن شحنتي إسمنت باكستاني المنشأ دخلتا عبر ميناء الصليف منذ بداية سبتمبر الماضي، وليست شحنة واحدة، موضحًا أن إحدى الشحنات كانت سائبة وتم تعبئتها في أكياس مصنع إسمنت عمران، فيما الثانية وصلت معبأة بأكياس ذات المصنع، مشيرًا إلى أن أكثر من نصف الكمية الأخيرة ما تزال موجودة في رصيف الميناء.
وقال لـ"النقار" وكيل لإسمنت عمران في صنعاء إن مقاولين متعاملين معه يشكون من رداءة الكميات الأخيرة من إسمنت عمران، منوهًا إلى أن أحد المقاولين أعاد كمية مكونة من 40 كيسًا ورفض استلام باقي الكمية التي كانت محجوزة، بسبب رفض المهندس المشرف لنوعية الإسمنت، والتي قال إنها لا تصلح لصبّيات الجسور، منوهًا إلى أن المقاول استبدل الكمية بعلامة تجارية أخرى.
وأفاد "النقار" مهندس يعمل في مجال الإشراف على الإنشاءات المسلحة أن نوعية إسمنت عمران الموجودة في السوق مغشوشة، مشيرًا إلى أن قوة مقاومة الضغط بعد 28 يومًا والمحددة على الكيس بـ"42" ميجا باسكال غير دقيقة، لافتًا إلى أنه من خلال النظرة المجردة لمحتويات كيس الإسمنت يتضح أن المادة عبارة عن جير مخلوط بالتربة، ولا تصلح حتى لأعمال الطرطشة، والتي تحتاج إلى قوة مقاومة تصل إلى "32.5" ميجا باسكال.
وفي سياق متصل، كشف لـ"النقار" تاجر يعمل في بيع الإسمنت والحديد بصنعاء، أن الإدارة التجارية بمصنع إسمنت عمران خفضت لهم سعر الكيس منذ منتصف سبتمبر الماضي، وطلبت منهم البيع بفارق 500 ريال عن باقي العلامات الأخرى، غير أنهم تفاجأوا بشكاوى المقاولين من رداءة المنتج، مبينًا أنه عند تعرض بعض الأكياس للثقب يظهر نوعية مختلفة من الإسمنت عن تلك التي كانت معهودة، مشيرًا إلى أن لون الإسمنت يبدو مائلًا إلى اللون الأبيض المخلوط بمادة تميل للبياض.