• الساعة الآن 01:54 AM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

عن غياب الثورة وحضور الحالة الثورية في يمن ممزق

news-details

 

 

عبد الوهاب قطران

في لحظةٍ حالكة من تاريخنا، حين تتسع رقعة القهر، وتتفاقم الفجائع، وتُسحق الطبقات الشعبية تحت سنابك الفقر والاستبداد، لا يسعنا إلا أن نعود إلى ما قاله لينين ذات يوم: "لا يوجد رجل ثوري وانما توجد حالة ثورية".

ما نعيشه اليوم ‏في اليمن – شمالاً وجنوباً – هو حالة ثورية متكاملة الأركان:

■ الفقر أصبح بنية حياتية دائمة،

■ الظلم تجاوز كل السقوف،

■ السلطات فقدت مشروعيتها الأخلاقية،

■ والناس، جياعًا ومهزومين، يكتوون بنار يومية لا تطفئها خطابات ولا شعارات.

لكن المفارقة المريرة أن هذه الحالة الثورية ‏لا تجد من يترجمها إلى فعل ثوري. لا يوجد في المشهد:

– لا تنظيم ثوري واعٍ؛

– لا قيادة تقدمية تمتلك الجرأة والرؤية؛

– لا برنامج ولا مشروع وطني جامع يحوّل الغضب الشعبي إلى حركة تحرر حقيقية.

وهكذا، تمضي السلطات الواقعية، شمالًا وجنوبًا، مطمئنة إلى هشاشة البديل وغيابه، ‏تتغذى على الإحباط الجماهيري، وتقتات على تجزئة الوعي، وإرهاب الناس بلقمة العيش.

نحن اليوم نعيش ما يمكن تسميته بـالحقبة الرمادية من التاريخ، تلك التي تشبه ما سبق سقوط الإمبراطورية الرومانية، حين انهارت على مهل، عبر قرون، لا لأن الجماهير كانت راضية، بل لأن البديل لم يكن قد وُلد بعد.

‏نعيش زمناً بلا ثورة عالمية، ولا حركات تحرر وطنية، ولا حتى انتفاضات تملك بوصلة.

زمنٌ بلا حلم جمعي، بلا مشروع، بلا أمل. زمن "الليل العبوس" الذي طال حتى غدا هو القاعدة.

لكن، إذا كان هذا الليل قد طال، فذلك لا يعني أنه أبدي. ففي قلب كل مأساة، تتخمر الإرادة.. وفي صمت الجوعى، تحتشد ‏صيحة الغضب المؤجل. وفي غياب البديل، يتشكل المجهول الثوري، بعيدًا عن الأبراج والمقار الحزبية المهترئة.

قد تكون الثورة الآن وفي المدى المنظور  غائبة، لكن الحالة الثورية حاضرة، وقابلة للانفجار في أي لحظة تكتمل فيها شروط الذات الفاعلة.

ولذلك، فإن الرهان الحقيقي ليس في انتظار "المخلّص"، ‏بل في بناء هذا البديل من رحم الألم، من داخل المعاناة، ومن وجدان هذا الشعب الذي لم يمت، رغم كل ما فُعل به.

شارك المقال: