• الساعة الآن 09:49 PM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

‏صرخة في وجه الصرخة (دعوة للمراجعة)

news-details

 


آزال الجاوي

 

ملاحظة: قبل أن تبدأ القراءة، هذا المقال جريء… ليس لخفاف العقول.

بمناسبة “يوم الصرخة”، من الضروري أن نتوقف بوعي ومسؤولية أمام بعض المضامين التي يتم الإصرار على ترسيخها، حتى وإن كانت واضحة البطلان أو الخطأ.

قد نتفهم بعض شعارات الصرخة، مثل: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، بوصفها تعبيرًا عن رفض السياسات الإجرامية التي تنتهجها تلك الدول تجاه شعوب المنطقة. وقد أوضح بعض قادة جماعة أنصار الله أن المقصود بهذه الشعارات هو الأنظمة، لا الشعوب.

لكن هذا التفهّم لا يمكن أن يمتد إلى الشطر الذي يقول: “اللعنة على اليهود”، وذلك لأسباب جوهرية:

أولًا:
اليهود العرب عمومًا، واليهود اليمنيون خصوصًا، كانوا جزءًا أصيلًا من نسيجنا الاجتماعي والثقافي. عشنا معهم قرونًا في محبة واحترام، وكثيرون منهم تم تهجيرهم مكرهين، وما زالوا يحملون لليمن وأهله حبًا وحنينًا صادقًا، كما يبادلهم كثيرون منا — خاصة من كبار السن — ذات المودة والحنين.
لقد تشاركنا معهم الأرض والهوية ككيان متجانس، لا ككيانات متصارعة، وغيابهم المفاجئ خلّف اختلالات عميقة في البنية الاجتماعية والثقافية، بل وحتى الاقتصادية، لا سيما في الحرف والمهن التراثية.
ورغم أن الحديث عن هذا الغياب ظل مسكوتًا عنه — خوفًا أحيانًا، وجهلًا في أحيان أخرى — إلا أنه واقع لا يمكن إنكاره.

ثانيًا:
هناك عدد كبير من اليهود حول العالم يقفون ضد الصهيونية، ويدافعون بصدق عن الحقوق الفلسطينية، بل ويشاركون فعليًا في النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.
فكيف نلعنهم لمجرد انتمائهم الديني، وهم في مواقفهم أقرب إلى الحق والعدالة من كثيرين يُحسبون على أمتنا؟

ثالثًا:
أما من يبررون لعن اليهود استنادًا إلى نصوص قرآنية، فنذكّرهم بأن اللعن في القرآن الكريم وُجّه إلى جماعات محددة من بني إسرائيل ارتكبوا جرائم معينة، وقد نالوا جزاءهم وانتهى أمرهم.
قال تعالى: “تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم.”
فلا يجوز اليوم أن نعمم اللعنة على كل اليهود في كل زمان ومكان، تمامًا كما لا يجوز أن نلعن اليمنيين اليوم لأن قوم عاد أو ثمود — وهم يمنيون — قد لُعنوا في الزمن الغابر!

رابعًا:
اللعن بصيغته الحالية يتجاوز منطق العقل والعدل، لأنه تعميم ظالم يشمل الصالح والطالح، النساء والرجال، الأطفال والشيوخ، وهو ما يتناقض مع مبدأ قرآني أصيل:
“ولا تزر وازرة وزر أخرى.”

الخلاصة:
الإنصاف والوعي يفرضان علينا التمييز بين العدو الحقيقي ومجرد الانتماء الديني.
فليس كل من وُلد يهوديًا عدوًا بجيناته أو بفطرته، كما أنه لا قداسة لأي قول بشري تجعله فوق المراجعة والنقد.
وليس كل من رفع شعارًا ناريًا ونجح في حشد الناس حوله يُعفى من مراجعة مضمونه وقيمته. فجمع الناس، مهما بدا مبهرًا، لا يعلو على قيمة الحق، ولا على جوهر الحقيقة.

شارك المقال: