النقّار – خاص
عادت قضية الإهمال والتقصير في رعاية جرحى الحرب وأسر القتلى في مناطق سيطرة سلطة صنعاء إلى واجهة الجدل، بعد اتهامات وجهها الناشط في جماعة أنصار الله علي عبد العظيم الحوثي، المكنى “أبو زنجبيل”، لمؤسسة الجرحى بالتنكر لجرحى الجماعة وتركهم دون رعاية أو إنصاف.
وفي سلسلة تغريدات على منصة “إكس” أرفقها بوثائق رسمية، قال أبو زنجبيل إن مؤسسة الجرحى رفضت مواصلة رعاية الجريح صدام عبدالله الزهواني بدعوى أن إصابته لم تكن في المعركة، رغم وجود وثائق تثبت إصابته في الجبهة. وطالب بإعادة التحقيق ورفع الظلم وإنصاف الجرحى، مقترحًا إنشاء “نقابة لحماية الجرحى من التعسفات التي تحصل عليهم من بعض المسؤولين والنافذين”. وأضاف: “لا يجوز أن يهرب المخطئون من العقاب بينما يُترك هذا المسكين وحيدًا يتحمل تبعات لم يقترفها”.
هذه الاتهامات تأتي بعد أشهر من تقرير موسع نشرته “النقّار” كشف عن ممارسات مماثلة في “الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء”، التي أنشأتها الجماعة بقرار رئاسي عام 2022، بعد حل الهيئة السابقة ودمجها مع “هيئة شهداء الواجب المقدس”. التقرير وثق حينها سياسة انتقائية في الرعاية، ورسومًا وإيرادات مفروضة على السجائر والقات والاتصالات لتمويل الصندوق المخصص للأسر، لكن دون أن ينعكس ذلك في تحسين الرعاية أو صرف المستحقات بانتظام.
ووفق التقرير، تتلقى الأسرة الواحدة ما يسمى “الإعاشة” بواقع 30 ألف ريال فصليًا (120 ألف ريال سنويًا، نحو 227 دولارًا)، بينما يتوقف صرف نصف الراتب لمعظم أشهر السنة ولا يُصرف إلا في رمضان والأعياد. كما أظهر التقرير أن “الإكراميات” الموسمية تقلصت قيمتها بمرور السنوات، وسط شكاوى من أسر وشخصيات موالية للجماعة بأن الهيئة تميّز أسر مقاتلي صعدة على حساب أسر مقاتلين من محافظات أخرى.
كما وثق التقرير وعودًا حكومية بمنح أراضٍ ومنح دراسية مجانية لأسر الشهداء والجرحى لم يتم تنفيذها، إلى جانب حالات طرد أسر من مساكن الإيجار، ورفض الهيئة التدخل رغم أن الضحايا قدموا أبناءهم في صفوف الجماعة.
تصريحات أبو زنجبيل أعادت هذه الانتقادات إلى الواجهة، خصوصًا أنها جاءت من ناشط محسوب على الجماعة نفسها، ما يضفي على الاتهامات ثقلًا إضافيًا. وتزامنت مع تصاعد السخط داخل أوساط أنصار الله بسبب ما يصفه ناشطون بـ”فساد” و”انتقائية” مؤسسات الرعاية، وتحولها إلى أدوات جباية وتمويل ذاتي بدلًا من القيام بواجبها الإنساني.
وبينما لم تصدر مؤسسة الجرحى أو هيئة رعاية أسر الشهداء أي رد رسمي حتى الآن، يرى مراقبون أن تصريحات أبو زنجبيل قد تفتح بابًا لمطالبات أوسع بمراجعة أداء هذه المؤسسات، وضمان حقوق الجرحى وأسر القتلى بعيدًا عن الحسابات السياسية والمناطقية التي وثقها تقرير “النقّار” سابقًا.