• الساعة الآن 11:33 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

عن إعفاء مروري بمناسبة المولد

news-details

خاص-النقار

"قائد الثورة يعفي 281 سيارة متعثرة من كافة الرسوم الجمركية والمخالفات المرورية"، مثل هذا الخبر يمكن لسلطة صنعاء أن تجعل منه الخبر الرئيسي في كافة وسائل الإعلام التابعة لها فضلا عن تغريدات المغردين وتطبيلات المطبلين. 
فالمناسبة هي المولد النبوي، والسيارات المتعثرة التي شملها الإعفاء لن تعود كذلك بعد الآن، فـ"السيد وجّه، ونائب رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح عقد اجتماعا طارئا ضم مساعد وكيل قطاع الأمن والشرطة اللواء علي حسين دبيش، ووكيل وزارة المالية المساعد للتنظيم الأستاذ محمد عامر، ورئيس مصلحة الضرائب والجمارك الدكتور إبراهيم مهدي، ومدير عام شرطة المرور اللواء الدكتور بكيل محمد البراشي....". ليس ذلك فحسب، بل لقد "ثمن العلامة مفتاح الجهود المبذولة لتنفيذ قرار الإعفاء، داعيًا المواطنين من مالكي السيارات المتعثرة التي انطبقت عليها المعايير إلى التوجه لمراكز الترسيم والترقيم بأمانة العاصمة لنيل الإعفاء المقدم لهم من السيد القائد بمناسبة ذكرى المولد النبوي". 
بصرف النظر عن العدد الضئيل للسيارات التي شملها الإعفاء، مقارنة بآلاف السيارات المتكدسة في أحواش المرور والجمارك، فأن يعتبر الإعفاء من مجرد رسوم إنجازا صاخبا يحتاج لكل ذلك التطبيل والضجيج الذي لم تكف عنه سلطة صنعاء منذ يوم أمس، لهو دليل كاف على كونها سلطة جبائية أصلا بحيث يصبح إعفاء أقل من ثلاثمائة سيارة من الرسوم الجمركية والمرورية حدثا كبيرا لم يكن لها أن تفعله لولا أن مناسبة بحجم المولد النبوي تقتضي منها ذلك، فتبدو كريمة إلى أقصى حد مع شعبها العزيز. 
الأمر ببساطة كما لو أن شيخا قبليا تبرع بإخراج مغرومين من سجن فانهالت عليه رسائل الشكر والامتنان من كل حدب وصوب، و"بيض الله وجهك"، و"كتب الله أجرك"، "وزاد الرجال من أمثالك"... الخ. وكلما زاد المديح زاد انتفاخ واتساع أوداج ذلك الشخص. إنما لن يلومه أحد هنا، فهو في النهاية شيخ قبلي أقصى طموح له أن يبحث عن كل ما يجلب له الإطراء والتميز. 
أما أن تأتي سلطة تقول عن نفسها إنها دولة ثم يصبح أكبر منجز لها أنها أعفت مالكي سيارات من رسومها الجمركية ومن المخالفات المرورية وتنتظر المناسَبة المناسِبة لإعلان منجزها ذاك، فأمر أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه الإفلاس بعينه. 
لكن طالما أنها سلطة جبائية لم يعد ينتظر منها أحد أن تتصرف كدولة، من تحسين جودة التعليم والصحة والإعمار وتشييد المصانع والمشاريع الاستثمارية وتشغيل اليد العاملة وزيادة المرتبات... الخ، بمفهوم الدولة المتعارف عليه في شتى بلدان العالم، كان أحرى بسلطة صنعاء أن تحتفظ بمنجزها ذاك لنفسها فلا تذيعه بالبنط العريض، على الأقل إن لم يكن احتراما لنفسها فاحتراما للمناسبة ولصاحب المناسبة.

شارك الخبر: