• الساعة الآن 08:22 PM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

الجماعة تمنع المصارفة للمستوردين.. قرار اقتصادي أم ورقة ضغط سياسية؟

news-details

 

النقار  - خاص
أثار قرار البنك المركزي بصنعاء، بمنع البنوك وشركات الصرافة من تقديم طلبات المصارفة إلى عدن لأغراض الاستيراد، تساؤلات حول أهدافه والمخاطر التي تراها جماعة أنصار الله في هذه العملية.

وأفاد "النقار" مصدر على صلة باللجنة الاقتصادية العليا للجماعة أن القرار ليس مجرد منع إداري، بل خطوة تهدف إلى إخضاع حركة التجارة والمال بالكامل لسلطة الجماعة، لافتًا إلى أن العقوبات القانونية التي أشار إليها القرار بحق المخالفين، هي مصطلح فضفاض، لأنه لا يوجد قانون في هذا الجانب، وهو ما سيؤدي إلى فرض غرامات تخضع للمزاج على من صنفوا مخالفين.

وقال لـ"النقار" مصدر جمركي إن القرار يحمل بعدًا أمنيًا أكثر منه اقتصاديًا، كاشفًا أن القرار جاء متزامنًا مع إجراء اتخذته الجماعة مؤخرًا، يتضمن إرسال لجنة المدفوعات قوائم بالتجار الذين طلبوا المصارفة عبرها إلى المنافذ الجمركية، مبينًا أن مندوبي الاستخبارات في المنافذ سيتحققون من البضائع وفق تلك القوائم، والمخالف ستحجز بضاعته، وهو ما يجعل مختلف عمليات الاستيراد تحت نظر الجماعة، مرجعًا ذلك لسيطرة المخاوف على ذهنية صناع القرار داخل الجماعة.

لكن مصدرًا على صلة بجمعية الصرافين بصنعاء اعتبر أن القرار يمثل توجهًا نحو الانفصال المصرفي بين صنعاء وعدن، ويعد بمثابة حجر عثرة تضعه الجماعة في طريق توحيد النظام المصرفي، مشيرًا إلى أن القرار يعد مؤشرًا على توجه لإعاقة تدفق الحوالات المالية بين صنعاء وعدن، لافتًا إلى أن إيقاف التعامل مع شركة النعمان للصرافة، وشبكة "كويك" لتحويل الأموال التابعة لها، كان بسبب شكوك بتحويل أموال لغرض المصارفة للتجار، وهي رسالة لبقية الشركات والشبكات بأن عقوبات أكبر ستطالهم.

وترى الجماعة أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة عدن ستلقي بتأثيرات خطيرة عليها، ومن أهمها تشكيل لجنة لتمويل الاستيراد.
وفي هذا السياق، أفاد لـ"النقار" مصدر في البنك المركزي بصنعاء أن الجماعة ترى في تشكيل هذه اللجنة توسيع لنفوذ البنك المركزي بعدن، ما سيجعل عمليات الاستيراد إلى مناطق الجماعة، التي تتجاوز 60٪ من إجمالي الاستيراد خارج سيطرتها، وبعيدا عن نفوذها.

ونوه المصدر إلى أن الجماعة تخشى أن تحويل الأموال إلى عدن لغرض المصارفة سيرفع من حجم تدفق الحوالات إلى عدن، لأن أغلب الاستيراد يتم من مناطق سيطرة الجماعة باعتبارها الأكثر سكانًا، لافتًا إلى أن القرار أخذ البعد السياسي، وأهمل البعد الاقتصادي.

ورأى المصدر أن تحويل المصارفة لغرض الاستيراد إلى عدن كان سيخفف الضغط على بنك صنعاء والسوق الموازية، لتوفير العملة الصعبة للمستوردين، ما سيؤدي إلى ارتفاع ولو طفيف في قيمة الريال اليمني، أو على الأقل استمرار استقرار أسعار الصرف الحالية لفترة أطول.

وأوضح المصدر أن الجماعة أرادت من قرار المنع إضعاف نفوذ البنك المركزي بعدن، وإظهار عجزه عن إدارة ملف المصارفة في مناطق خارج سيطرتها، وفرض الهيمنة على البنوك وشركات الصرافة العاملة في مناطقها، وتحديد مسار مالي موازٍ يخدم الأجندات الاقتصادية للجماعة.

ورأى مصدر سياسي مطلع في صنعاء أن الجماعة تعيش حالة إرباك وتخبط، وسط مخاوف أمنية واقتصادية، في ظل واقع تغير بشكل مفاجئ حولها، ما جعلها تتخذ قرارات اقتصادية غير مدروسة كردة فعل للإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة عدن، مشيرًا إلى أن الجماعة لم تدرس تلك القرارات وتقيم تأثيراتها، وإنما تعاملت معها باعتبارها حربًا اقتصادية.

لكن مصدر اقتصادي مطلع على نقاشات تدور بين الغرفة التجارية في أمانة العاصمة واللجنة الاقتصادية العليا للجماعة، أفاد لـ"النقار" بأن الجماعة تعيش حالة توجس بسبب تراجع الإيرادات، ما جعلها تعتبر كل إجراء اقتصادي من قبل خصومها موجّهًا نحوها، موضحًا أن الرسوم الضريبية والجمركية تراجعت بسبب القصف الذي تعرضت له موانئ الحديدة، فضلًا عن أن توقف الرحلات من مطار صنعاء الدولي أدى إلى خسارة الجماعة ملايين الريالات من عوائد تذاكر الطيران وما يرتبط بالرحلات الجوية من رسوم.

وكشف المصدر أن تراجع الإيرادات والصراع على التعيينات بين مراكز النفوذ في الجماعة دفع مكتب زعيم الجماعة إلى التوجيه بوقف التعيينات في الوحدات الاقتصادية، خوفًا من حصول إرباكات تؤثر على الإيرادات.

وكشف المصدر أن الجماعة تسعى لتعويض النقص في الإيرادات عن طريق رفع الدولار الجمركي الذي بدأت برفعه تدريجيًا من 250 إلى 350 ريالًا على بعض السلع، ومنع تسرب التجار للاستيراد عبر ميناء عدن، خاصة أولئك الذين يمكن لموانئ الحديدة استقبال بضائعهم وفق طاقتها المحدودة بعد القصف.

شارك الخبر: