• الساعة الآن 01:35 AM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

كيف تفاعلت أميركا مع العرض العسكري المذهل للصين؟

news-details

كان العرض العسكري الضخم، الذي أقيم في وسط بكين، عرضاً مصمماً لإرسال رسالة للغرب، مفادها بأن رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظام عالمي جديد تتربع الصين على قمته، سيكون مدعوماً بأسلحة عالية التقنية تبدو في بعض جوانبها متقدمة على خصومها، بما في ذلك الولايات المتحدة، فكيف تفاعلت واشنطن مع هذا العرض العسكري وسط اعتراف القادة العسكريين والخبراء الاستراتيجيين الأميركيين بالشوط الذي قطعته بكين في تطوير أسلحتها بصورة مذهلة؟ وهل يعني ذلك أن القدرات العسكرية الصينية تجاوزت نظيرتها الأميركية أم ليس بعد؟ وماذا ستفعل إدارة ترمب حيال هذا التنافس التكنولوجي فائق التسارع؟

ماض مخجل ومستقبل مبهر

كثيراً ما جادل الخبراء والباحثون بأن القوة الاقتصادية تؤدي إلى قوة عسكرية أكبر ودور عالمي أقوى، وهذا ما حاولت الصين تأكيده من خلال عرضها العسكري المبهر، الذي أقيم في بكين، بحضور أكثر من 20 زعيماً عالمياً، لتقديم رسالة قوية إلى الغرب بأن الصين اليوم تختلف تماماً عما كانت عليه في الماضي، الذي اتسم بفترات مخجلة من الناحية العسكرية. فقد تمكنت الصين بفضل قوتها الاقتصادية من الاستثمار الكثيف والمتواصل في تطوير معداتها العسكرية كي تتغلب على نقاط ضعف الجيش الصيني، التي ظهرت بوضوح خلال أزمة مضيق تايوان الثالثة عام 1996، وشهدت إجراء الصين تجارب صاروخية في مضيق تايوان لتحذير تايبيه، التي كان ينظر إليها على أنها تتجه نحو الاستقلال.

ورداً على ذلك، نشرت واشنطن مجموعتين من حاملات الطائرات، تفوقتا بصورة كبيرة على السفن الصينية، إذ اتسمتا بقوة نيران أكبر وتكنولوجيا أكثر تطوراً، بينما كانت بكين لا تزال تعتمد على المعدات السوفياتية الصنع، بسبب افتقارها القدرة على تصنيع أنظمتها الخاصة، مما أدى إلى عدم قدرة البحرية الصينية على اكتشاف الغواصات الأميركية في مضيق تايوان.

 

ومنذ ذلك اليوم، قررت بكين تطوير جيشها عبر زيادة مستمرة بنسبة 10 في المئة في موازنة الدفاع الصينية، إضافة إلى إصلاحات عسكرية واسعة النطاق أرست أسس الأنظمة العسكرية الصينية الحديثة اليوم، وهي عملية انطلقت في عهد جيانغ زيمين رئيس اللجنة العسكرية المركزية (الهيئة العسكرية العليا للحزب الشيوعي الصيني) من عام 1989 إلى عام 2004، الذي أصبح رئيساً للصين من عام 1993 إلى عام 2003، وزادت سرعتها مع الرئيس الحالي شي جينبينغ الذي يحمل رؤية مستقبلية محددة لنظام عالمي جديد تتربع الصين على قمته.

ومع التطور الاقتصادي والتكنولوجي الأخير، أصبحت الشركات الصينية المملوكة للدولة لاعباً عسكرياً بارزاً، إذ لا تمتلك الصين فقط أنظمة أسلحة أكثر تطوراً، بل أثبتت أيضاً كفاءة غير عادية كشف عنها تحليق طائرتها المقاتلة عبر مضيق تسوشيما في يونيو (حزيران) الماضي من دون أن تكتشف، على رغم أنها كانت في مدى أنظمة الرادار الأميركية واليابانية والكورية الجنوبية، بحسب ما أكد موقع "ناشيونال إنترست" الأميركي.

استعراض مبهر

عرض جيش التحرير الشعبي الصيني كمية هائلة من المعدات العسكرية في أشهر شوارع بكين، لدرجة أنه كان من الصعب التركيز على سلاح واحد قبل أن يمر التالي، مما طرح أسئلة مقلقة داخل الولايات المتحدة عما إذا كانت هذه الأسلحة بالفعل قد جرى نشرها بأعداد كبيرة في قوات الجيش الصيني كما يقول المسؤولون الصينيون في المؤتمرات الصحافية؟ مما يمثل مشكلة حقيقية لقدرة أي خصم على كبح جماح التحركات العسكرية الصينية في المنطقة، أم أنها مجرد نماذج أسلحة ما زالت قيد التطوير والتجريب ولم يجر نشرها بعد كما اعتاد الصينيون أن يفعلوا في مواقف سابقة؟ 

ومع ذلك كان من الطبيعي أن ينصب الاهتمام في الولايات المتحدة على الأسلحة النووية الجديدة بعيدة المدى مثل الصاروخ الباليستي "دي أف-61"، الذي يعد أول صاروخ باليستي صيني جديد عابر للقارات منذ إطلاق صاروخ "دي أف-41" في عرض عسكري عام 2019، كما سلطت الأضواء أيضاً على الصواريخ المزودة بمركبات انزلاقية فرط صوتية تستطيع حمل رؤوس حربية بسرعات تفوق خمسة أضعاف سرعة الصوت، مع مسارات طيران غير منتظمة قد تعوق الدفاعات الصاروخية.

قلق أميركي وغربي

كما عرضت بكين مجموعة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تطلق من البحر، مما أثار حفيظة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" مارك روته، الذي عبر عن قلقه البالغ، وحذر من أن الصين تتفوق بكثير على القوات البحرية الأميركية وحلفائها الغربيين في بناء السفن، مشيراً إلى أن الصين تمتلك الآن سفناً تبحر أكثر من الولايات المتحدة، بينما يتأخر بناء السفن في الولايات المتحدة، مما لا يجعلها قادرة على اللحاق بما تقوم به الصين حالياً، إذ تبلغ قدرة بناء السفن الصينية نحو 200 ضعف إجمالي قدرة الولايات المتحدة، بحسب ما يشير نيك تشايلدز خبير الأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

وتعد البحرية الصينية الأكبر في العالم من حيث العدد، إذ تمتلك قوة قتالية تضم أكثر من 370 سفينة وغواصة، بما في ذلك أكثر من 140 سفينة سطحية مقاتلة رئيسة، وفقاً لتقييم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" الذي عد أن معظم أسطول بكين يتكون من سفن حديثة وغواصات قادرة على تنفيذ مهمات مختلفة، وتوقع أن تمتلك الصين حاملة طائرات ثالثة عاملة مع البحرية هذا العام. 

وينبع الخطر هنا من دراسة أجرتها كلية الحرب البحرية الأميركية عام 2023، وتناولت تاريخ الحروب البحرية، وخلصت إلى أن الأسطول الأكبر عدداً هو الذي ينتصر دائماً تقريباً.

أنظمة دفاع جوي ليزرية

غير أن الأسلحة الأكثر أهمية على المدى البعيد التي اشتمل عليها العرض العسكري الصيني هي أنظمة الدفاع الجوي الليزرية المتنقلة الجديدة المثبتة على الشاحنات والسفن، التي تعد بمثابة نقلة نوعية في نظم الدفاع الجوي الأكثر تطوراً، مثل سلاح "إل واي-1" المحمول على متن السفن، وهو إضافة إلى أسطول الصين البحري لدفعها إلى الجيل التالي من الحروب.

وفي حين أن قدرات سلاح الليزر الصيني لا تزال مجهولة، يخشى الخبراء الأميركيون والغربيون من أنه قد يخترق الإلكترونيات، ويعمي أجهزة الاستشعار، ويعوق عمل الطيارين أثناء الطيران، إذ تعتمد هذه الأسلحة على الطاقة الكهرومغناطيسية لتعطيل الهدف من خلال الحرارة، أو إعطاب الأنظمة الكهربائية الداخلية، أو تعمية أجهزة الاستشعار مثل البصريات والرادار. وعلى رغم أن الصين ليست أول من يطور أسلحة الليزر، إلا أنها تتفوق بسرعة على قدرات خصومها المحتملين مثل الولايات المتحدة التي تستثمر مليار دولار سنوياً لتطوير هذه الأسلحة، وتمتلك حالياً نظام "هيليوس" على متن بعض سفنها الحربية، وهو من إنتاج شركة "لوكهيد مارتن"، كما تطور بريطانيا نظام "دراغون فاير"، الذي تعتزم تشغيله على سفن البحرية الملكية البريطانية عام 2027.

وتصنف أسلحة الليزر ضمن فئة تسمى أسلحة الطاقة الموجهة، التي تشمل أيضاً أنظمة ميكروويف عالية الطاقة، وتكتسب أهميتها من كونها أكثر توفيراً من الناحية الاقتصادية مقارنة بالأسلحة الحركية التقليدية، إذ تكلف طلقة الليزر جزءاً بسيطاً من كلفة رصاصة أو صاروخ، كما أن اللوجستيات أسهل أيضاً في هذه الأنظمة، لأنه لن تكون هناك حاجة إلى نقل مقذوفات ثقيلة مع السلاح الذي يعتمد فقط على مصدر طاقته.

مسيرات أكثر تطوراً

كشف الصينيون عن طائرة مسيرة قتالية شبحية كبيرة ومن دون ذيل على ظهر شاحنة مسطحة خلال العرض العسكري، يشار إليها بالنوع "بي"، وهي بحجم المقاتلة "جيه-10" الصينية، ويعتقد الخبراء الأميركيون أنها مقاتلة تفوق جوي محسنة لأداء عال، ويحتمل أن تكون ذات قدرات تفوق سرعة الصوت، إضافة إلى إمكان رصد محدود، لكن مظهرها يشير إلى أنها قد تكون جاهزة للطيران بالفعل أو أنها مجرد نموذج.

وفي حين أن الصين لديها خمسة تصاميم لطائرات مسيرة جديدة في الأقل، وتعد بمثابة نظائر صينية لطائرات القتال التعاونية التابعة لسلاح الجو الأميركي، إلا أن الطائرة الجديدة من النوع "بي" تتميز بسمات الطائرات المسيرة عالية الأداء، إذ يشير تصميمها إلى إمكان قيامها بمهمات أشبه بالمقاتلات، بما في ذلك القتال الجوي المباشر مع منصات أخرى، كما ستتمكن الطائرة من تنفيذ مهمات طائرات مسيرة تقليدية، مثل الضربات والاستطلاع والمراقبة. ولا يزال من غير الواضح مدى تعاونها في دعم المقاتلات المأهولة (التي يقودها طيارون)، لكنها تتمتع بسعة داخلية واسعة للأسلحة، وهذا نوع لا يطوره سلاح الجو الأميركي في الأقل في العلن، كما يشير موقع "وور زوون" الأميركي. 

دبابة "تايب 100"

استعرضت الصين دبابتها القتالية الرئيسة الجديدة من طراز "تايب 100"، التي وصفتها وسائل الإعلام الرسمية في بكين بأنها أول مركبة مدرعة فائقة الذكاء في البلاد، تدمج أدوات الواقع المعزز، ويمكنها تنفيذ قتال منسق، مما يشير إلى عملية اتخاذ قرارات مدفوعة بالذكاء الاصطناعي أو إلى شبكات أوسع في ساحة المعركة، مما يجعلها بمثابة قفزة نوعية في عالم الحرب الآلية، إذ تتميز ببرج آلي، ورادار متطور، ونظام حماية نشط، ومحطة أسلحة عن بعد، وترافقها مركبة قتالية مع طائرة مسيرة رباعية المراوح، مما يشير إلى قدرات استطلاع جوي متكاملة، تجعل الدبابة الصينية الجديدة قادرة على منافسة أحدث المدرعات الغربية والروسية، مثل دبابات "أبرامز أم-1" الأميركية المحسنة، التي طرحت، للمرة الأولى، في سبعينيات القرن الماضي، ودبابات "أرماتا تي-14" الروسية، التي صممت عام 2014، ولكن لا يستخدم منها سوى أعداد محدودة.

استهدف تصميم "تايب 100" الانتقال إلى عصر الحرب الآلية، عبر التركيز على الأتمتة والقدرة على البقاء وسط القتال العنيف، وهي تمثل تطوراً مباشراً لتصميم الجيل الثالث الصيني، المصمم على غرار الدبابة السوفياتية "تي-72"، لكنها أضافت قدرات تضيق نطاق تعرض الطاقم للخطر من خلال أتمتة الأسلحة الثانوية مع الاتجاهات العالمية الأوسع، بخاصة الدروس التي تستخلصها الجيوش من الحرب في أوكرانيا، إذ جعلت الطائرات المسيرة والضربات الدقيقة الطواقم مكشوفة وعرضة للخطر.

وعلى رغم أن عرض الصين للطراز "تايب 100" أمام جمهور عالمي، يسلط الضوء على هدفها في تعزيز سمعتها العسكرية عبر مزيد من الأتمتة والتكامل، وقدرة أكبر على البقاء بفضل التكنولوجيا المتقدمة، إلا أنه لا يمكن إلا لسيناريوهات المعارك الحقيقية أن تظهر ما إذا كانت هذه الدبابات الجديدة ستحظى بالإعجاب الذي يريد الحزب الشيوعي الصيني أن يصوره للعالم.

تفوق في القدرة الصناعية

لكن بصرف النظر عن مدى كفاءة الأسلحة الصينية الجديدة التي كشف عنها العرض العسكري، فإن الحجم الهائل للمعدات العسكرية المعروضة، يظهر أن الصين تمتلك القوة الصناعية اللازمة لدعم أقوالها، وربما في نهاية المطاف تطبيق رؤية شي للعالم، إذ تمتلك بكين القدرة الصناعية نفسها التي جمعتها الولايات المتحدة للفوز بالحرب العالمية الثانية، لكن الفارق هنا أنه بينما تمكنت الصناعة الأميركية من القضاء على قوى دول المحور قبل 80 عاماً، فإن أميركا الآن لا تملك القدرة على إنتاج الأسلحة بالأعداد التي تستطيع الصين إنتاجها، وفقاً لما يقول مالكولم ديفيس كبير المحللين في استراتيجية الدفاع في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية.

وما يشكل نوعاً من الارتباك لدى الغرب أن الصينيين يظهرون في هذا العرض العسكري، تمكنهم من تطوير قدرات عسكرية متقدمة بأنفسهم، ونشرها عملياً، والقيام بذلك بصورة أسرع مما يحدث في الغرب وبكميات أكبر من حيث الأعداد الهائلة للأسلحة المنشورة.

الأرقام تميل لصالح بكين

يظهر تحليل نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن عشية العرض العسكري الصيني أن بعض الحسابات تميل لصالح بكين، ووفقاً للتقرير الذي أعده ماثيو فونايول وبريان هارت، الباحثان في مشروع الطاقة الصينية التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، زاد الإنفاق الدفاعي الصيني 13 ضعفاً خلال الأعوام الـ30 الماضية.

وفي حين أن بكين لا تزال تنفق نحو ثلث ما تنفقه الولايات المتحدة على الدفاع، إلا أنها تعمل على تقليص الفجوة بسرعة، إذ قلصتها إلى النصف خلال الأعوام الـ12 الماضية، وعلى الصعيد الإقليمي يبدو أن فجوات الإنفاق الدفاعي تتسارع، إذ تتفوق الصين على جيرانها، وتنفق على الدفاع خمسة أضعاف ما تنفقه اليابان، وما يقرب من سبعة أضعاف ما تنفقه كوريا الجنوبية، وهما حليفان رئيسان للولايات المتحدة في المنطقة.

الصينيون قادمون

في خضم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، اكتسب أحد الأفلام الأميركية شهرة عالمية واسعة بسبب اسمه، وهو "الروس قادمون"، للتدليل على خطر التنافس وإمكان التفوق السوفياتي على أميركا، أما الآن فيحلو لبعضهم إدخال تعديلات تناسب العصر بالقول إن "الصينيين قادمون"، ففي حين يزعم بعضهم أن الولايات المتحدة قادرة على الحفاظ على تفوقها العسكري من خلال تقنيات مثل الطائرات المسيرة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، إلا أن العرض العسكري الصيني الأخير أظهر أن هذا التوقع قد يكون وهماً.

يعترف مالكوم ديفيس من معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي أن أنظمة الطائرات المسيرة التي يعرضها الصينيون اليوم متطورة للغاية، ويبدو أنها أكثر تقدماً في بعض النواحي مما نراه في الغرب، كما أنها في الخدمة التشغيلية، وهي مخصصة فقط لأدوار قتالية هجومية، وقد يكون الدفاع عن الطائرات المسيرة، من خلال الليزر، يميل لصالح بكين، ويتفق أنكيت باندا، الخبير في مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي، بأن ما يصفه الصينيون بالحرب الذكية، يظهر كثيراً من القدرات الذاتية، وقدرات الشبكات، وأنظمة القتال الحديثة في القرن الـ21.

قيمة الخبرة

ومع ذلك، فإن التشكيلات العسكرية التي استعرضتها بكين وقدمت صوراً مذهلة، تتطلب تجميعها في قوة قتالية منسقة تحتاج إلى كثير من الخبرة، بينما لم تخض الصين صراعاً عالي الشدة، ربما منذ الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي، والحرب الصينية - الفيتنامية المحدودة للغاية عام 1979، مما يثير أسئلة حول قدرتها على الانتصار، وكما تشير تجربة روسيا في أوكرانيا، لا يمكن الوثوق في الأرقام والتقديرات فقط بمعزل عن التجارب العملية في ساحات القتال.

في الوقت نفسه، وبالمقارنة، يصعب التشكيك في قدرة الجيش الأميركي على توجيه قوته النارية نحو الهدف، مثلما فعلت الضربة الأميركية على المواقع النووية الإيرانية في يونيو، عندما أسقطت سبع قاذفات شبح من طراز "بي-2" نحو 14 قذيفة خارقة للحصون من أقوى الأسلحة التقليدية في العالم على الهدف من دون التعرض لأي نيران مضادة.

وبينما لم يظهر سلاح الجو الصيني حتى الآن امتلاكه قاذفة شبح من فئة "بي-2"، على رغم أنه يقال إن إحداها قيد التطوير، إلا أنه حتى ذلك الحين فإن الجيل التالي من القاذفات الأميركية "بي-21" يقترب من الظهور، ولهذا يسود الحذر أوساط المحللين والقادة العسكريين الغربيين، حتى بعد العرض المثير للإعجاب في بكين.

أقوى جيش في العالم

وعلى سبيل المثال، يعتقد الجنرال المتقاعد في الجيش الأسترالي ميك رايان أن الولايات المتحدة لا تزال أقوى جيش في العالم، ولكن ربما بهامش أقل مما كانت عليه لعقود عدة مع تقليص الصين للفارق، مشيراً إلى أن الجيش الصيني متطور للغاية من الناحية التكنولوجية، والأهم من ذلك أنه يبني كل ما يحتاج إليه محلياً تقريباً، مضيفاً أن هذا يعني أن بكين لا يمكن إكراهها من موردي الأسلحة الأجانب، لكنه أوضح أيضاً أنه لم يجر اختبار أي من الأسلحة الصينية المعروضة في القتال.

ويقول رايان "على رغم أن الاستعراضات العسكرية الصينية تبدو مثيرة للإعجاب ظاهرياً، إلا أنها ليست مؤشراً موثوقاً على الفعالية العسكرية". ومع ذلك، يشير المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة "إيست" لندن توم هاربر إلى أن الصراعات في أوكرانيا وجنوب آسيا والشرق الأوسط أظهرت محدودية المعدات العسكرية الأميركية والأوروبية والروسية الأكثر رسوخاً، بينما ترتفع فرص تكنولوجيا الأسلحة الصينية، وبخاصة بعدما تمكنت طائرة باكستانية من صناعة الصين، وهي "جيه-10" من إسقاط طائرة "رافال" الفرنسية باستخدام صاروخ صيني متطور "إل بي-15" من مسافات تزيد على 100 كيلومتر.

وإذا كانت طائرة "جيه-20" الصينية، لم تتمكن رادارات أميركا واليابان وكوريا الجنوبية من رصدها خلال اختراقها سلسلة الجزر الأولى ذات الأهمية الاستراتيجية في شرق آسيا، فإن أحدث ابتكارات الصين، وهي طائرة "جيه-36"، قد تعيد صياغة الحرب الجوية في المنطقة بفضل تكاملها مع الذكاء الاصطناعي وارتباطها بأسراب الطائرات المسيرة، إذ تتمتع هذه المنظومة بالقدرة على العمل كمركز تحكم طائر، مما ينشئ نظاماً متكاملاً لا يختلف عن النظام الذي استخدمته باكستان أخيراً، بل بتقنيات أكثر تطوراً.

ومن وجهة نظر هاربر، فإن القدرات العسكرية لبكين تظهر كيف يمكن للصين أن تصبح لاعباً محورياً في الصراعات العالمية، وكيف قد يعزز هذا من قوتها لتحدي النظام العالمي الحالي.

شارك الخبر: