خاص-النقار
كل هذا الرصاص لأجل موظفة لم ترتكب جرما سوى أنها تؤدي عملها في ما تبقى من أشلاء دولة. لم تكن افتهان المشهري قائد جبهة ولا زعيم عصابة من تلك التي تنتشر كالذباب في أرجاء مدينتها المنكوبة. كان عملها يتمثل فقط في خدمة الناس وتنظيف المدينة وإزاحة الأوساخ والقذارات عن وجهها قدر الإمكان، للتخفيف على الأقل من اشتداد وطأة ذلك الذباب.
لقد أفصح اغتيال افتهان المشهري عن حقيقة مرعبة وصل إليها اليمنيون أو أوصلهم إليها تجار الحروب وجماعات الحكم المتناحرة. فهو ليس اغتيال مواطنة بل اغتيال وطن، وليس جريمة فحسب بل وصمة عار لن تنمحي من وجوه اليمنيين قاطبة.
كل هذا الرصاص لأجل افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز؛ حسنا، هل تستوعب تعز ما حدث؟ وهل للحالمة أن تصحو من كابوسها الجاثم؟ أم أنها تنتظر من رصاص قتلة أن يحمل أخلاقا أو أن يغدو رصاصا ثوريا؟ إنه ببساطة مجرد رصاص جبان مجرم لا يتورع عن فعل شيء، ومنتشر على طول البلاد وعرضها، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، لأن القتلة هم من يحكمون وهم من يقتلون ذلك الوطن الذي يحكمون.