• الساعة الآن 05:55 PM
  • 19℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

النائب عبده بشر في حوار مع شبكة النقار: لم تُستبعَد القوى السياسية فحسب من مفاوضات مسقط، بل أُقصي شعب بأكمله لا يعلم شيئا عمّا يُدار باسمه

news-details

 "موضوع المرتبات لا يتم التفاوض فيه بشكل جدي لإيجاد حل جذري لصرفها، وإنما يُستخدم كورقة إعلامية للتخفيف من الضغط الداخلي وإنقاذ السلطة"

"أنصارالله تفاوض لإنقاذ نفسها لا لصرف المرتبات.. والمطار مفتوح لقياداتها ومغلق على الشعب."

"اليمن التي تُحاصر بالحرب منذ عدة سنوات لا تعيش حربا تُخاض، بل حربا تُدار من الخارج وتُجمّد من الداخل."

حوار خاص - النقار

في وقتٍ تُظهر فيه المفاوضات بين جماعة أنصارالله والسعودية حالة من الغموض السياسي في العاصمة العُمانية مسقط، تتصاعد التساؤلات حول طبيعة ما يجري هناك: هل هي مباحثات لإنهاء الحرب أم ترتيبات لتثبيت حدود السيطرة القائمة؟

في هذا السياق، يتحدث عضو مجلس النواب في صنعاء عبده بشر في حوار صريح مع (شبكة النقار) عن رؤيته لما يدور خلف الأبواب المغلقة، معتبرا أن ما يحدث ليس تسوية وطنية، بل "ترتيب مصالح وتقنين للانقسام"، مشيرًا إلى أن القوى السياسية والشعب "مُستبعدون من القرار".

بشر يصف المفاوضات بأنها "حرب تُدار لا لتُحسم"، ويكشف كيف تحوّلت القضايا الإنسانية إلى أدوات لتخفيف الضغط الداخلي على الجماعة، في ظل غياب رقابة برلمانية وإعلامية حقيقية، معتبرا أن اليمن "يُدار من الخارج ويُستخدم كورقة تفاوض في ملفات إقليمية".

الحوار:

- من خلال متابعتكم، كيف يمكن توصيف ما يجري في مسقط: مسار نحو تسوية وطنية أم ترتيبات لتقنين واقع التقسيم القائم؟    

لا وجود لأي تسوية وطنية، ما يجري هو ترتيب أوراق وتبادل مصالح وذرّ الرماد على العيون، واستمرار للواقع المأساوي الذي يعيشه اليمن أرضا وإنسانا، للوصول إلى تقسيم المقسّم وتجزيء المجزّأ.

- ما المؤشرات التي تراها توضّح الاتجاه الحقيقي لهذه المفاوضات؟    

الاتجاه واضح، والمفاوضات واضحة منذ البداية، فكل حرب تنتهي باتفاق إلا حرب اليمن، لأنها لا تُدار لتحسم بل لتبقى معلّقة. اليمن التي تُحاصر بالحرب منذ عدة سنوات لا تعيش حربا تُخاض، بل حربا تُدار من الخارج وتُجمّد من الداخل.

- كيف تُقرأ طبيعة استبعاد القوى السياسية الأخرى من مشهد التفاوض؟ وما دلالات ذلك على مستقبل العملية السياسية؟    

لم يتم استبعاد القوى السياسية فحسب، بل استُبعد شعب بأكمله لا يعلم بشيء، ومن منطلق "وما أريكم إلا ما أرى".

ولا نعتقد أن هناك عملية سياسية حقيقية تُدار لإخراج البلاد والعباد إلى بر الأمان، في ظل المشاريع الصغيرة والخنوع والخضوع والارتهان والتقسيم والوصاية والقمع... لا نعتقد أن هناك مستقبلًا للعملية السياسية.

- بحسب التسريبات القادمة من مسقط، ما العوامل التي جعلت سقف التفاوض لدى أنصار الله ينحصر في قضايا خدمية بحتة كالمطارات والرواتب؟    

سقف التفاوض، عندما قبل أنصار الله بتحويل المملكة إلى وسيط، فقدوا القوة التي كانت بأيديهم، في ظل تفاوض من تحت الطاولة والقبول بالفتات.

حتى موضوع المرتبات لا يتم التفاوض فيه بشكل جدي لإيجاد حل جذري لصرفها، وإنما يُستخدم كورقة إعلامية للتخفيف من الضغط الداخلي وإنقاذ السلطة، ولتمرير اتفاقات أخرى لاستمرار إدارة الأزمات والتجويع الممنهج للشعب اليمني.

أما المطار، فالحصار يُستخدم ضد الشعب، أما السلطة فالمطار مفتوح ذهابا وإيابا بطائرات دولية وأممية.

 

"هناك أطراف توقّع باسم اليمن دون تفويض ولا مساءلة. تُوقّع الاتفاقات وتُعلن البنود، لكن التوقيع لا يحمل صوت اليمن، وكأن اليمن يُمثَّل دون أن يُستشار، والقرار يُصاغ خارج الحدود ثم يُسلَّم إليه كأمر واقع".

- برأيكم، كيف تُحدَّد أولويات المفاوضات في صنعاء؟ وما التوازنات الداخلية التي تتحكم في هذا القرار؟    

أولويات المفاوضات في صنعاء، من المفترض والطبيعي والعقلاني، أن تتم لإحلال السلام والقبول بالآخر وطي صفحة الماضي، والبدء بإطلاق المعتقلين والأسرى وصرف المرتبات وفتح الطرقات، وتجهيز أرضية صلبة للمفاوضات بين اليمنيين. فاليمن يمن الجميع، وليس يمن "يا أنا يا أنت" أو مسرحًا للأطراف الخارجية.

لا توجد توازنات داخلية؛ فالتوازنات تبدأ بالقبول بالآخر والشراكة الحقيقية والوضوح والشفافية دون إقصاء أو تهميش أو إرهاب أو استهداف للمعارضين.

- في ظل غياب رقابة برلمانية وإعلامية فاعلة، كيف يمكن ضمان أن المفاوضات تُدار بشفافية وتخدم المصلحة العامة؟    

هناك مفاتيح خفية تُبقي الحرب مستمرة. فبالرغم من كل الهدن والاتفاقات، كل اتفاق يُوقّع يُجمّد — من استوكهولم إلى الرياض، ومن الهدنة إلى الوساطة — فاليمن يعيش ما قبل السلام.

تُوقّع الاتفاقات أمام الكاميرات، ثم تُعلَّق خلف الكواليس. تُعلن البنود ثم تُنسى التفاصيل. تُمدَّد الهدنة، لكن لا يُفتح ملف السيادة.

لأن السلام الحقيقي لا يعني وقف إطلاق النار فحسب، بل استعادة القرار، وهذا هو الشرط الذي لا يُمنح لليمنيين.

الأطراف الدولية لا تريد حربا مفتوحة، لكنها تخشى سلاما يعيد لليمن حقه في تقرير مصيره. ولهذا تُدار الحرب كهدنة طويلة، لا كحل نهائي. هدنة تُمدَّد لكنها لا تُنهي شيئًا، بل تُبقي كل شيء معلّقًا، كأن اليمن يعيش في غرفة انتظار لا في دولة مستقلة، وكأن السلام نفسه أصبح مشروطا لا ممكنا.

اليمن يُستخدم كورقة تفاوض في ملفات خارجية، ولهذا لا يُسمح للحرب أن تنتهي، لأنها تُفتح وتُغلق حسب مصالح الآخرين. فكلما اقتربت تسوية في مكان، يُعاد فتح الملف اليمني، ليس لأن اليمن يريد الحرب، بل لأن أطرافًا أخرى تحتاجها لتفاوض على شيء آخر.

من جهة أخرى، من يوقّع باسم اليمن على طاولة المفاوضات لا يجلس اليمنيون وحدهم، هناك أطراف توقّع باسمهم دون تفويض ولا مساءلة. تُوقّع الاتفاقات وتُعلن البنود، لكن التوقيع لا يحمل صوت اليمن، وكأن اليمن يُمثَّل دون أن يُستشار، والقرار يُصاغ خارج الحدود ثم يُسلَّم إليه كأمر واقع.

توقيع بلا تمثيل، وقرار بلا سيادة.

اليمن حاضر بالاسم، غائب بالإرادة.

فالزمن لا ينهي حربا تُدار من الخارج، بل يعيد تدويرها بصيغ ومسميات جديدة، والمتضرر هو اليمن أرضا وإنسانا.

لكن أملنا في الله سبحانه أن يوحّد الشمل ويفرّجها، ويُخرج البلاد والعباد من الأنفاق المظلمة إلى بر الأمان.

(نهاية الحوار)

من خلال حديث النائب في برلمان صنعاء عبده بشر، يتضح أن المشهد السياسي في صنعاء يمرّ بمرحلة إعادة تموضع لا يمكن وصفها بالتسوية بقدر ما هي إدارة للأمر الواقع. المفاوضات التي تجري في مسقط، بحسب رؤيته، خرجت من القرار اليمني إلى مساحة لتبادل الأدوار والمصالح الإقليمية، فيما يبقى الداخل اليمني غائبا عن تمثيل نفسه.
بين السطور، تكشف تصريحات بشر عن عمق الفجوة بين مؤسسات الدولة وجماعة أنصارالله التي تمسك بالقرار، وعن تآكل فكرة الدولة لصالح مراكز نفوذ مغلقة. ورغم قتامة الصورة التي يرسمها، يظلّ الأمل — كما ختم حديثه — في استعادة الوحدة الوطنية والقرار المستقل، باعتبارهما الشرط الحقيقي لأي سلام دائم في اليمن.

شارك الخبر: